عبدالإله السناني

يأتي فنّ المسرح في كل السياقات بوصفه الفن الشامل، ليس لأنه ملتقى لمجموعة من الفنون والحقولفحسب، بل لأنه أيضًا كلما ازدهر في إحدى المجتمعات ازدهرت معه العديد من الآداب والفنون، وظهرت العديدمن مظاهر التثاقف والرقي الاجتماعي، وانتعشت معه اقتصادات الابداع والثقافة، واستطاع أن يشكل قوةناعمة تعبر الحدود وتعكس حضارة وثقافة المجتمع.

في السعودية الآن، نعيش قفزة تاريخيّة مذهلة، وتجربة ثقافية فريدة، أوجدها قادة بلادنا، وأنتجتها رؤيةالمملكة 2030، وها نحن كلّنا نلتفّ حولها بكل إيمان وثقة ونعدها طريقنا الواضحة تجاه المجد والمستقبلالزاهر الذي يليق ببلادنا وبنا وبهذه الحضارات العظيمة التي احتوتها أرضنا وشيّدها أسلافنا منذ آلافالسنين وحتى الأمس القريب. وضمن هذه النهضة الثقافية الكبرى، يأتي فنّ المسرح كواحد من اتجاهاتالثقافة التي انتبهت لها الرؤية، وجعلته وزارة الثقافة حجر زاوية في استراتيجيتها؛ فخصصت له هيئةالمسرح والفنون الأدائية، التي بدأت في النهوض بالصناعة المسرحية في كل اتجاه، فاستطاعتعلى سبيلالمثال لا الحصرمع وزارة التعليم أن تعيده للمدارس في مشروع وطني رائد، وأسست له الحاضنة الأكاديميةالتي ستُخرّج كوادره الوطنية من المحترفين والمحترفات، ونظّمت قطاعاته، وبادرت في دعم إنتاجه، ولا تزالمشروعاتها الاستراتيجية تظهر شيئاً فشيئاً في رحلتها نحو التنمية الشاملة لقطاع المسرح وفنون الأداءبالمملكة.

وضمن هذه النهضة المسرحية التي تبدأ في بلادنا وتُبشّر بغدٍ مسرحيّ رفيع، نفخر هذه الأيام بالإعداد لـمهرجان الرياض للمسرح، الذي يحتفي بالمسرحيين السعوديين وإبداعاتهم الجديدة، ضمن برنامج ضخميتسع في منتجاته لخارج أروقة المهرجان ومسارحه وزمنه، ويصل للعديد من مناطق المملكة ومحافظاتها،دون أن يهمل الرواد الذين قدموا الكثير للمسرح السعودي في القرن الماضي.  

إن الحراك المسرحي الذي يشهده وطننا عموماً، ومهرجان الرياض للمسرح على وجه الخصوص، يجعلناأمام بشائر تستحق الانتباه والفخر، وهي بشائر جيلٍ مسرحي مبدع من شبابنا وبناتنا الذين يقبلون علىالمسرح بشغف كبير، ويبادرون في ابتكار تجاربهم الفنية، ويصنعون أملاً حقيقياً لازدهارٍ مسرحي سعودييوازي هذه النهضة ويعد بنجاح استراتيجياتها الرامية لصناعة مسرحية راقية تزدهر في مناحي بلادنا،تعكس ثقافتنا وحضارتنا، وتشارك في النهضة الشمولية التي ترتفع فيها جودة الحياة، ويرتقي فيهاالاقتصاد عبر ابداع وفاعلية المجتمع.

لطالما كان المسرح السعودي حاضراً، لكنه اليوم يمضي في خطط تنموية لما نشهد مثلها يوماً، ولم نشاهدمثلها في تجارب دول المنطقة. وسوف يصنع مسرحنابحول اللهتجربة محلية وعالمية تحمل رسالة المسرحالخالدة في السلام والمحبة والثقافة، وتنقل معها واقعنا العظيم، وميراثنا الحضاري الضخم الذي كان فيإحدى تجلياته نوراً للعالم أجمع.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *