د.عادل جعفر
استشاري طب نفسي
في حياتنا اليومية يجب أن نركز على نوعية أفكارنا و طريقة ادراكنا للأحداث الخارجية
لانه تبعاً لذلك تتغيير مشاعرنا و سلوكياتنا و طريقة تعاملنا مع الاحداث الخارجية
بناءا على ذلك ظهرت طريقة علاجية تسمى “العلاج السلوكي المعرفي “التي تركز على تغيير الأفكار والإدراك، و السلوكيات، والمشاعر وكيفية تفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض.
ببساطة هو “علاج بالكلام ” له القدرة على تغيير افكارنا ، مشاعرنا أحاسيسنا الجسدية و سلوكنا، و بالتالي يساعدنا في قدرتنا على التحكم بمشاكلنا عن طريق تغيير طريقة تفكيرنا وتصرفنا.
و هو يستخدم بشكل شائع لعلاج القلق والاكتئاب ، ولكن يمكن أن يكون مفيدًا لمشاكل الصحة النفسية والجسدية الأخرى.
يعود التعبير عن فكرة هذا العلاج إلى الفيلسوف “إيبكتيتس” Epectetus الذي عاش من 55 – 134 بعد الميلاد. فمن أشهر مقولاته: “الناس لا تحركهم الأشياء، ولكن يحركهم منظورهم للأشياء”.
بعد ذلك، كتب الفيلسوف الرواقي “مارقوس أوريليوس” (121 – 180 بعد الميلاد): “لو أنك تأملت من أي شيء خارجي، فليس هذا الشيء هو الذي سبب لك الإزعاج، ولكن حكمك عليه؛ وبمقدورك أن تزيل هذا الحكم الآن”.
ويقول “وليام شكسبير” في هاملت: “ليس هناك شيء جيد، وآخر سيء، ولكن التفكير هو الذي يجعله كذلك”.
من خلال كل هذا، نستنتج أن الفكرة الرئيسية للعلاج المعرفي السلوكي بسيطة، وتتمثل في أن (استجاباتنا السلوكية والوجدانية تتأثر بمعارفنا وأفكارنا)، التي تحدد الكيفية التي نستقبل بها الأشياء وندركها. بمعنى، نحن نشعر بالقلق، أو الغضب، أو الحزن فقط عندما يكون لدينا مبرر لذلك. بمعنى آخر، ليس الموقف في حذ ذاته، ولكن مدركاتنا، وتوقعاتنا، وتفسيراتنا (التقييم المعرفي) للموقف هي المسئولة عن وجدانيتنا.
يمكن تفسير ذلك، أو شرحه بشكل أفضل من خلال المثال التالي الذي يقدمه “آرون بيك” Aron Beck (1976):
سمعت ربة البيت طرقة على الباب، طرأت أفكار عديدة إلى دهنها، وقالت: “ربما تكون سالي عادت من المدرسة، ربما يكون لص، ربما هبت الريح وفتحت الباب”. يعتمد الافتراض المرغوب فيه على اخذها في الاعتبار كل الظروف ذات الصلة به. ومع ذلك، فإن العملية المنطقية لاختبار الفرض ربما يعطلها الميل النفسي لربة البيت. فإذا سيطر على تفكيرها مفهوم الخطر، فقد نخلص إلى ان الطارق هو لص، فقد تصل إلى استنتاج اعتباطي. على الرغم من هذا، الاستنتاج قد يكون صحيحا، إنه يعتمد بشكل رئيسي على العمليات المعرفية الداخلية وليس على المعلومات الحقيقية. فإذا جرت واختبأت، فإنها ربما ترجئ أو تخسر الفرصة لعدم إثبات (أو التأكد على) هذا الإفتراض. وإذا اعتقدت أن الطرقة ناجمة عن لص، ستشعر بالخوف وتمر به، ربما تصل إلى هذا الإستنتاج إذا اكنت مشحونة بعد القراءة عن اللصوص في الجرائد، أو إذا كانت تعتمد بشكل رئيسي على معتقد أن العالم مكان خطير، و أن اللص على وشك الدخول إلى المنزل. بالطبع سوف يكون سلوكها مختلفا إذا شعرت بالخوف منه إذا اعتقدت أن الحدث له معنى هام.
و هكذا عرفنا ان الفكر يسبق الشعور و يؤدي اليه!!.
أي أن المشاعر وبالتالي التصرفات تنبع وتنتج من الاتجاهات الفكرية والقيم والمعتقدات الأساسية. فرؤية الإنسان الخاصة للأحداث هي التي تسبب ردود أفعاله الانفعالية وسلوكياته الخارجية.
بإستخدام العلاج السلوكي المعرفي…يمكّن مساعدة هذه المرأة من السيطرة على مخاوفها و مشاعرها وإدارتهما إدارة سليمة و ذلك من خلال تغيير طريقتها بالتفكير ، اذ يعد الترابط بين الأفكار والمشاعر والسلوكيات أساس هذا العلاج، لأنه جرت العادة أن يظن الشخص أن خوفه من شيء ما هو بحد ذاته خطرا عليه، وهو ما يجعله يبني أفكارًا سلبية كثيرة تغير مسارات حياته، ولهذا يستغرق هذا النوع من العلاج وقتًا طويلًا وجلسات كثيرة تخلص الشخص من مخاوفه تدريجيًا و يجعله يواجه مخاوفه بقوة.