كلمة / وكالات

أظهرت بيانات إحصائية رسمية في تركيا أن المواطنين الروس تصدّروا قائمة مشتري العقارات، خلال عام 2022، في أرقام تكسر القاعدة التي كانت سائدة منذ سنوات، بعدما كان الإيرانيون أكثر من يشتري المنازل في البلاد بين العام والآخر، وقياسا بغيرهم من الجنسيات الأجنبية

وبحسب البيانات التي نشرها “معهد الإحصاء التركي”، الثلاثاء، تم بيع مليون و485 ألف 622 منزلا في عام 2022، بينما حصّلت مدينة إسطنبول أعلى حصة من هذه المبيعات، بـ259 ألفا و654 منزلا، وبنسبة 17.5 بالمئة، وتلتها أنقرة وإزمير على التوالي

وتشير البيانات إلى أن مبيعات المساكن للأجانب في البلاد ارتفعت بنسبة 15.2 في العام المنصرم، مقارنة بعام 2021، لتصل إلى 67 ألفا و490 منزلا

ومن هذه النسبة ذهبت معظم مبيعات المساكن لمواطني الاتحاد الروسي، إذ اشتروا 16312 منزلا في 2022، وتبعهم الإيرانيون بـ 8 آلاف 223 مسكن والعراقيون بـ 6 آلاف 241 مسكن

وفي شهر ديسمبر الماضي وحده، اشترى الروس ألفين و403 منازل من تركيا، في مقابل 675 منزلا للإيرانيين و345 للعراقيين، وفق ما أظهرته البيانات التفصيلية

وكانت مدينة أنطاليا جنوب غربي تركيا والواقعة على سواحل البحر المتوسط الوجهة المفضلة للروس من أجل شراء المنازل، وتتبعها مدينة إسطنبول

وفي حين تكسر أرقام المنازل التي اشتراها المواطنون الروس في تركيا قاعدة مشتري العقارات في البلاد، التي كانت سائدة منذ سنوات أوضحت بيانات “معهد الإحصاء التركي” هامشا كبيرا في الرقم الخاص بهم وهو 16312، أي بزيادة تساوي الضعف عن الرقم الخاص بالإيرانيين

في غضون ذلك كانت تركيا وجهة مفضّلة أيضا للمواطنين الأوكرانيين الهاربين من تداعيات الحرب المستمرة على بلادهم حتى الآن

وجاء في البيانات الإحصائية الحديثة أنهم اشتروا 2574 منزلا خلال العام الماضي لوحده، ليحتلوا المرتبة السادسة بعد مواطني كازاخستان وألمانيا والعراق وإيران وروسيا، فيما ذكرت وسائل إعلام تركية أن عدد المساكن التي اشتروها في الفترة من مارس إلى نوفمبر 2022 زاد 2.2 مرة على أساس سنوي

“بعد التعبئة”

وكان العام المنصرم، 2022، شهد توافدا كبيرا للروس إلى تركيا، في وقت بدأت فيه روسيا غزوا على أوكرانيا، في شهر فبراير، وما تلا ذلك من إعلان فلاديمير بوتين “التعبئة الجزئية” في البلاد، بالتوازي مع فرض عقوبات غربية وأميركية متسلسلة على موسكو

ويقول سلمان أوزغون، وهو عضو في منظمات عقارية مثل جمعية المستثمرين العقاريين (GYODER) إنه ومع إعلان التعبئة في روسيا كان هناك طلب جاد للمواطنين الروس والأوكرانيين جوا وبرا، حيث استقر العديد من هؤلاء المواطنين في أنطاليا، ومن أتيحت لهم الفرصة اشتروا منازل

وأوضح أن هذا الطلب انعكس في الزيادات في أسعار المساكن الإيجارية والمبيعات، مشيرا إلى أن “الحرب المستمرة ستظل فعالة في زيادة الطلب في سوق العقارات في أنطاليا، خاصة فيما يتعلق بالهجرة من روسيا”

وبحسب بيانات “رئاسة الهجرة التركية” فإنه اعتبارا من ديسمبر 2022، هناك 149 ألفا و 859 مواطنا روسيا مقيمين في تركيا، ثلثهم في إسطنبول

في المقابل كان مسار شراء الأجانب للعقارات، وفي مقدمتهم الروس قد انعكس على الأسعار، إذ تضاعفت إلى مستويات قياسية، بحسب ما أشار إليه مقاولون ومدراء شركات عقارية، خلال الأشهر الماضية

وفي أبريل من عام 2022، وبينما كانت فيه البلاد تشهد توافدا غير مسبوق للروس والأوكرانيين رفعت الحكومة التركية الحد الأدنى لقيمة العقارات التي يجب شراؤها من أجل الحصول على الجنسية التركية، من 250 ألف دولار إلى 400 ألف دولار

وذكرت وسائل إعلام رسمية، في ذلك الوقت أن الحكومة التركية ناقشت هذه المسألة في اجتماع مجلس الوزراء الرئاسي برئاسة الرئيس، رجب طيب إردوغان، وتقرر في الاجتماع “رفع قيمة العقار الواجب شراؤه للحصول على الجنسية التركية من 250 ألفا إلى 400 ألف دولار، بشرط عدم بيعه لمدة 3 سنوات”

وتم تنفيذ برنامج الجنسية مقابل الاستثمار العقاري لأول مرة في تركيا، عام 2017. وبعد عام، تم تخفيض مبلغ الاستثمار المطلوب للحصول على الجنسية من مليون دولار إلى 250 ألف دولار

“موسكو على المتوسط”

وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد نشرت تقريرا، في أواخر ديسمبر الماضي، أشارت فيه إلى التوافد الكبير للمواطنين الروس إلى مدينة أنطاليا التركية، وكيف أنها تحوّلت إلى “موسكو على المتوسط”، حسب تعبيرها

ويوجد بين الوافدين “متهربون من التجنيد من طرفي الحرب” وفق وصف الصحيفة الأميركية، بالإضافة إلى الروس المعارضين لحكومتهم، وأولئك الذين عارضوا الحرب أو الذين يخشون المشاكل الاقتصادية في الداخل واستفادوا من حدود تركيا المفتوحة ومتطلبات الإقامة السهلة نسبيا لبدء حياة جديدة

ولطالما عهد الروس على التوافد منذ فترة طويلة على شواطئ أنطاليا لقضاء الإجازات الصيفية، لكن تدفقهم خلال العام الماضي أدى إلى زيادة أعدادهم بشكل كبير

وأشارت الصحيفة في المقابل إلى أن بعض الأتراك متذمرون من ارتفاع أسعار المساكن في أنطاليا بسبب الوضع الجديد، ويتساءلون إلى متى سيبقى هؤلاء السكان الجدد، وما إذا كان ذلك لا يهدد النسيج الاجتماعي

وفي مطلع شهر ديسمبر من عام 2022، انضم أكثر من 15 ألف شخص من مدينة أنطاليا إلى عريضة أطلقت على موقع “change.org”، وذكروا فيها أن متوسط الإيجارات يتجاوز 10 آلاف ليرة في أنطاليا و13 ألف ليرة في ألانيا، وأن إيجارات السكن زادت بنسبة 395 في المائة في العامين الماضيين

وجاء في العريضة أن “العيش في المدينة أصبح مستحيلا لكثير من الناس”، وخاصة الطلاب. كما ذكرت: “نحن نتلقى حاليا هجرة خارجية خطيرة للغاية. هذا يؤثر على الهيكل الديموغرافي. 25 بالمئة من السكان هم من الأجانب، وهذا يثير مسألة إمكانية الوصول إلى السكن”

وارتفعت قيمة الشقة التي تبلغ قيمتها 600 ألف ليرة تركية في السنوات الثلاث الماضية إلى أكثر من 5 ملايين، وأشار القائمون على العريضة إلى أن “الأجانب اشتروا واحدا من كل ثلاثة منازل بيعت في أنطاليا”، وطالبوا بإيقاف تأجير وبيعهم المساكن، بقولهم: “دعهم يقيمون كضيوف في فنادقنا أو نزلنا أو منتجعات العطل”

وكان زعيم حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، كمال كلشدار أوغلو، قد انتقد قبل أسابيع أسعار المساكن والإيجارات في تركيا، وقال إن “امتلاك منزل أصبح أكثر تعقيدا وأصعب، كما أن الإيجارات تزداد أكثر فأكثر”

ووعد زعيم المعارضة أنهم سيفرضون حظرا على بيع المساكن للأجانب لمدة خمس سنوات، في حال وصلوا إلى السلطة، وأنه لن يتم رفعه “إلا بعد تسوية توازن الأسعار”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *