المستقل /متابعة

استغل وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد جدعون ساعرلقاءه بموظفي وزارته لإعلان عزم بلاده “مد يد العون السياسي والأمني للأكراد في إيران وتركيا”، باعتبارهم “ضحايا القمع والعدوان”، وذلك في ظل رغبة تل أبيب إقامة “شرق أوسط جديد”.

واعتبر ساعر أن “إسرائيل موجودة في منطقة وهي أقلية فيها، ولذلك فإن تحالفاتها الطبيعية هي الأقليات الأخرى مثل الدروز في سوريا ولبنان، والأكراد في كل من سوريا والعراق وإيران وتركيا”.

وأشار إلى ضرورة بناء “تحالفات قوية مع التركيز على الأقليات الأخرى في المنطقة”.

حكم ذاتي

وبحسب ساعر فإن “الشعب الكردي هو شعب كبير يفتقر إلى الاستقلال السياسي… وهو حليف طبيعي لنا”.

وأضاف أن الأكراد “أقلية قومية في أربع دول مختلفة، تتمتع في اثنتين منهما بحكم ذاتي، وفي سوريا بحكم الواقع، وفي العراق أيضاً بحكم القانون وفقاً للدستور العراقي”.

لكن وزير الخارجية الإسرائيلي قال إن الأكراد “ضحيّة للقمع والعدوان من جانب إيران وتركيا، وعلينا أن نمد لهم يد العون ونعزز علاقاتنا معهم”، لافتاً إلى أن لذلك “أبعاداً سياسية وأمنية”.

واعتبر أستاذ إدارة النزاع في معهد الدوحة للدراسات العليا إبراهيم فريحات، أن تصريحات ساعر “لا جديد فيها، فإسرائيل تحاول منذ منتصف القرن الماضي التواصل مع الأقليات في المنطقة وبناء تحالفات معها، لكنها فشلت في ذلك سواء في لبنان أو العراق”.

وأوضح أن الدافع وراء تصريحات ساعر هو “الفشل الإسرائيلي في عقد سلام مع الدول العربية”.

وبحسب فريحات فإن “هذا الانسداد السياسي دفع ساعر إلى النبش في الملفات القديمة”، مشيراً إلى أن تلك المحاولة “ستبوء بالفشل أيضاً بسبب رفض الأكراد التعاون مع إسرائيل”.

لكن المحلل الإستراتيجي عنان وهبة يرى أن تل أبيب وواشنطن “تعملان على إقامة شرق أوسط جديد بالاستفادة من هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كفرصة لتغيير المنطقة بصورة جذرية”.

تحجيم دور إيران؟

وأوضح أن تحالف إسرائيل مع الأقليات بخاصة الأكراد يأتي رغبة منها في “تحجيم دور إيران في المنطقة، وإرغامها على إنهاء حروب الوكالة التي تشنها عبر وكلائها في المنطقة”.

وأشار وهبة إلى أن إسرائيل “تسهم في تصحيح خرائط سايكس بيكو بدعم أميركي عبر قطع أيدي إيران في المنطقة”.

واعتبر أستاذ التاريخ المعاصر في الشرق الأوسط محجوب الزويري أن الحديث الإسرائيلي عن التحالف مع الأقليات ليس جديداً، بل طرحه المحافظون الجدد في أواخر التسعينيات، وعلى أساسه تم احتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين إثر هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول).

وأوضح الزوري أن “كلام وزير الخارجية الإسرائيلي عن التحالف مع الأقليات يشير إلى رغبة إسرائيل بتفسير هجوم السابع من أكتوبر مثل هجمات سبتمبر، كي تتصرف كأنها دولة عظمى”.

وأضاف الزويري أن تل أبيب ترى أنها قادرة على “فرض تشكيل المنطقة كما تريد”، وأن ذلك فيه “الكثير من المبالغة إذ لم تستطع واشنطن بكل قوتها تشكيل حلف الأقليات الذي أرادته”.

إعادة رسم المنطقة

وبحسب الزويري فإن المخطط الإسرائيلي “يتجاوز المنطقة العربية إلى تركيا وإيران لإعادة رسم المنطقة وفق أجندة أيديولوجية يمينية”.

لكن الزويري أشار إلى أن ذلك المسعى الإسرائيلي يواجه “تحدياً حتى من واشنطن، مرجحاً “فشلها في ذلك”.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا سليم بريك أن “ساعر يحاول بلورة سياسات إسرائيلية قديمة عندما دعمت تل أبيب بعض الأكراد في العراق وجزء من الموارنة في لبنان”.

وأوضح أن إسرائيل حاولت “تفتيت دول الشرق الأوسط على أسس عرقية وإثنية وإشعال الصراعات الداخلية في تلك الدول”.

واستبعد بريك نجاح تلك السياسة في تركيا وإيران، وأوضح أن “الدول الكبرى ترفض إقامة دولة واحدة للأكراد”.

واعتبر الباحث السياسي صقر أبو فخر أن “فكرة تحالف الأقليات ظهرت بين الإسرائيليين حتى قبل إقامة إسرائيل بأعوام، ولكنها كانت هامشية قبل أن تجد صدى لها في لبنان في ثمانينيات القرن الماضي إذ فشلت مع نهاية الحرب الأهلية”.

وأشار إلى أن تلك الفكرة “ترتفع وتخبو حسب الظروف السياسية، مثل العلاقة مع الزعيم الكردي مصطفى البرزاني في منتصف القرن الماضي برعاية شاه إيران، بهدف إبعاد العراق عن الصراع العربي-الإسرائيلي”.

وبحسب أبو فخر فإن المنطقة مقبلة على “تغييرات بسبب الحرب الكبرى الدائرة حالياً”، لكن أشار إلى صعوبة الحسم في طبيعة تلك التغييرات ووجهتها، وفي معرفة القوى الصاعدة أو الآفلة بسببها”.

وأوضح أن إسرائيل “تريد شرقاً أوسطاً من دون ما يسمى ’حلف الممانعة‘ وذلك بعد تكسير أذرع إيران في المنطقة، لكي تنكفئ على داخلها”.

لكن أبو فخر أوضح أن “تحالف الأقليات لن تكون له قيمة إستراتيجية حينها، فقيمته هي اللعب في المسرحين الإيراني والتركي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *