حسين فوزي
أثارت انتباهي الهبة التي بدأت تتصاعد بشأن التصدي لمحاولة بعض المتنفذين وذيولهم المسلحين الاستحواذ على عقارات مواطنين في منطقة الكرادة بعد إدانة سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني للجريمة.
والسؤال الذي يطرح نفسه كم المواطنين يمتلك الموارد والحماية ليستطيع الوصول “محمياً” إلى باب سيدنا المجتهد الأكبر السيد السيستاني دون تعرضه لحادث ما قبل وصوله حفيد إمام المستضعفين أبو تراب سيدنا الإمام علي أبن ابي طالب ؟
من المهم تشخيص تطور هذه القضية التي ابتدأت بمتابعة شخصية من السيد حاكم الزاملي النائب الأول لرئيس مجلس النواب المستقيل، ضمن انسحاب التيار الصدري من البرلمان والعملية السياسية الراهنة.
لست من أتباع التيار الصدري، وأنا مواطن مدني ديمقراطي اتحادي، أعترف بولاية النزيهين سواء أكانوا حزبيين أو مستقلين، رجال دين أو علمانيين، مؤمن أن مستقبل العراق مرهون بتخطي الطائفية والجهوية مع توزيع عادل للثروة.
لكن ينبغي تسجيل نقطة تقدير كبيرة لموقف الزاملي والتيار الصدري الذي يمثله في دعم هذا الجمع من المواطنين المنهوبين، ويظل السؤال كم من المواطنين قادرون على طرق باب الزاملي والتيار الصدري لنجدتهم وتوفير الحماية لهم في شكواهم؟
ولماذا لم يتمكن المواطنون المتضررون من الاستنجاد بالسلطات القضائية وقوى إنفاذ القانون لاسترجاع حقوقهم وحمايتهم؟! وهل آلية القانون المدني توفر منفذاً لتجنب اللصوص المساءلة والملاحقة؟؟!
كان وسيظل سماحة المرجع الأعلى الصمام الأكيد لحماية السلم الأهلي وحقوق العراقيين، لكن ألم يكن من الأولى أن تنهض سلطات الدولة بواجبها وليس القاء أعباء المشاكل على كاهل سماحة المرجع الجليل؟؟؟
أليس ما يجري، وكل ما جرى، يؤكد حقيقة الإخفاق الكبير الذي تعاني منه مؤسساتنا الرسمية وسقوط الكثير من القيم تحت وطأة التلويح بالسلاح والأغراء في ظل تطبيق ملتوٍ لنصوص القانون تحت وطأة ضغوط المتنفذين واغراءاتهم ؟؟؟
لعل من حسن حظ مواطني الكرادة المتضررين أن التيار الصدري يتصدر معارضة قوية للأطراف المستحوذة على مفاصل السلطة الحقيقية، ولو لم يكن التيار الصدري قوة رئيسة في المعارضة لما تمكن هؤلاء المواطنون من اللجوء للزاملي، ولا الوصول سالمين إلى عتبة سماحة المرجع.
إن قضية عقارات الكرادة هي بعض من جبل نهب غاطس للعقارات وموارد الدولة من الدولار والدنانير وحتى مياه العراق في الخليج العربي، لتؤكد الحاجة الملحة إلى أصوات عالية محمية تتصدى لمهمة المساءلة والملاحقة القانونية، وهي حالة ليست سهلة، كان من المؤمل أن يكون تحالف سائرون الضامن لها، لكن مع الأسف فأن غياب آلية ديمقراطية لإدارة هذا التحالف أدت إلى تفتته مبكراً، وقبل هذا انسحاب زعيمه “يائساً” (مع الأسف) في البرلمان د. حسن العاقولي من العملية السياسية، نتيجة التقييد الخفي لحركة كتلة سائرون في البرلمان فيما كان يأمله د. العاقولي شخصياً، قبل أن يأتي غياب التشاور داخل سائرون إلى انفراطه.
ترى هل نرى في القريب قيام تحالف وطني عريض يتخطى الطائفية والجهوية، ليكون صوت المواطنين الذين تسرق عقاراتهم ولقمة خبزهم ومستقبل الأجيال، وفق منهج عمل واضح عملي ؟؟؟
إنه تحدٍ حقيقي في التصدي لمسك الفرصة الأخيرة لإرساء دولة المواطنة في ظل الإفادة من وجود السيد محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء الطامح في الإصلاح على طريق إعادة هيكلة الدولة بعيداً عما أفرزه الاحتلال الأميركي وذيوله من الفاسدين والإرهابيين ولصوص الجريمة المنظمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *