علاء الخطيب

لماذا أعفي الجبير وعُين العساف في السعودية

كتب علاء الخطيب

السعودية كأي بلد شرق أوسطي تتقاذفه مزاجيات الحاكم و الظروف النفسية لرأس السلطة ، لذا نرى التقلبات السياسية ربما غير منطقية ، فالتغيرات الاخيرة التي قام بها العاهل السعودية والتي تم بموجبها هيكلة الاجهزة الأمنية وشملت تعديلات وزارية لا تخلو من ملاحظات أو ضغوطات من هنا او هناك نتيجة للظروف التي عصفت بالمملكة بعد قتل جمال خاشقچي .
كان لمقتل خاشقچي التأثير الكبير على الاداء السياسي السعودية ، فقد دخلت السعودية في دوامة التخبط والتراجع على الصعيد الإقليمي والدولي وبدا واضحاً في التغيرات التي شملت القيادات الأمنية العليا بعد الحادثة مباشرة مثل احمد عسيري و سعود القحطاني وغيرهم .
اليوم التعديل الاخير يطال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير صاحب مقولة الملكك وولي العهد خط احمر التي أطلقها بعيد مقتل خاشقچي هو ضلع المثلث الثالث الذي كان يحيط بـ بن سلمان .
الجبير الذي رجح الكثير من المراقبين بعلمه بجريمة مقتل خاشقچي ولكنه اخفى الحقيقة وحاول بما يمتلك من لباقة ان يبعد الامر عن ولي العهد . يعاقب اليوم بإعفائه من منصبه وتعيينه وزيراً دولة للشؤون الخارجية ، اي بمعنى وزير بلا وزارة . وتعيين متهم سابق بالفساد هو ابراهيم العساف مكانه ، فهذا الرجل من سجين الى وزير والأخير من وزير الى شبه متهم .
ابراهيم العساف الذي شغل منصب وزيرا للمالية لمدة عشرين سنه والذي يصفه الناشطون السعوديون بانه حوت فساد كبير ، فقد أعلنت لجنة مكافحة الفساد التي قادها محمد بن سلمان ان ابراهيم العساف يمتلك طائرة خاصة وست طائرات هليكوبتر ومجموعة من الشقق في برج خليفة وفيلات وشقق في المارينا في الامارات وثروة تقدر بـ 200 مليار ريال سعودي ، وكانت ووكالة رويترز قد نقلت أوائل العام الجاري عن مسؤول سعودي قوله إن العساف متهم بالتكسب من مشروع توسعة الحرم المكي واستغلال منصبه لشراء أراض بعد الإطلاع على خطط توسعة الحرم.
لكن السؤال المهم لماذا عين العساف وزيراً للخارجية ولماذا أعفي الجبير .
يبدو الامر تعديلاً وزارياً عادياً لكنه يخفي ورائه الكثير من الأسرار ، اولها. اراد ولي العهد ان يبعد كل المحيطين به من الذين قاموا بعملية قتل خاشفچي سواء من قام بالجريمة او من علم بها ويعرف الحقيقة انها من صنع محمد بن سلمان ، فقد عاقب من يستطيع معاقبته و وضعه في السجن ومن لم يستطع جعله متهم وضعيف لايقوى على شيء .وهذا ينطبق على الجبير . الذي وقعت الجريمة في مؤسسة تابعة لوزارته وهي القنصلية ، فولي العهد يريد ان يوصل رسالة الى العالم ان وزير الخارجية مسؤول غير مباشر ولكنه عوقب كذلك ، اي اننا لا نتهاون في معاقبة الضالعين والمتهاونين ليبعد التهمة عن نفسه .
اما العساف فهو سجين الريتز السابق والمتهم بالفساد أفرج عنه وأعيد الى منصبه ولكنه سيكون تحت رحمة بن سلمان الذي اخرجه من السجن وتفضل عليه ، علماً ان الإفراج عن العساف أحدث ضربة كبيرة في شفافية الإجراءات التي قام بها بن سلمان في حملة مكافحة الفساد وصدمة لدى السعوديين ، الذين عبروا عن ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي . واليوم يعود ليتسنم منصب كبير و مهم. لكن للضرورة احكام .
فالمنطقة تمر بمرحلة جد يدة يجب ان يكون لها رجال جدد ،فعودة سوريا وانسحاب القوات الامريكية وفتح السفارة الاماراتية وتصريح ترامب بموافقة السعودية على اعادة إعمار سوريا ، تحتاج الى رجل مناسب ليس لديه تقاطعات مع سوريا. واليمن التي سيسوى ملفها في المرحلة القادمة والتي بدت بوادرها في السويد .
فالرجل المناسب للمرحلة السورية هو العساف كونه كان رئيس اللجنة السعودية السورية المشتركة التي تضم مئات التجار ورجال الاعمال ، بالاضافة الى معرفته الجيدة بالوضع السوري ، وله علاقات مع السوريين توصف بالممتازة .

 اما التعديلات الاخرى فهي الاخرى محسوب حسابها ، كتعيين تركي آل الشيخ رئيساً لهيئة الترفيه ، وهي علامة واضحة لقمع رجال الدين المتشددين كون تركي ينتسب لعائلة دينية عريقة فهو احد احفاد محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي ولا يستطيع احد المزايدة عليه في  هذا المجال.

من هنا ينظر الى التعديلات باعتبارها نتيجة لما تمر به المملكة بعد مقتل خاشقجي أو نتائج عملية القنصلية.

علاء الخطيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *