مجيد الهماشي

 

 ترجمة وتحقيق : ماجد الهماشي

خاص …. لصحيفة كلمة

تقرير لصحيفة الايكونوميست  يسلط الضوء على الطاقة في القرن الحادي والعشرين وبالخصوص النفط  ، ويتحدث التقرير عن النفط في العراق 

التقرير

بينما ينشغل العراق حكومة وشعبا بتأمين الرواتب المتأتية من واردات النفط يتجه العالم الى تطوير قطاع الطاقة البديلة إدراكا لمخاطر الاعتماد على هذه السلعة المتهالكة وبدلا من التركيز على تطوير مصادر الدخل البديلة تستمرالحكومة العراقية بتجاهل هذا الخطر والاستثمار في وزارة ينخرها الفساد من طقطق للسلام عليكم فهل حان الوقت لتغيير اسم وزارة النفط الى وزارة الطاقة او استحداث وزارة جديدة للطاقة البديلة؟

ادناه ترجمة لمقال حصري نشرته مجلة الإيكونيميست اليوم يوضح ابعاد هذا الموضوع:

” . . . غذى النفط القرن العشرين – سياراته وحروبه واقتصاده وجغرافيتهالسياسية لكن العالم الآن في خضم صدمة تعمل على تسريع التحول إلى نظام جديد للطاقة. ضربت جائحة كوقيد -19 الاقتصاد العالمي في وقت سابق من هذا العام، انخفض الطلب على النفط بأكثر من الخمس وانهارت الأسعار. وبرغم فترات الانتعاش المتذبذب بين الحين والاخر، الا ان العودة إلى العالم القديم اصبحت غير مرجحة حيث أجبرت الدول المنتجة للنفط على مواجهة نقاط ضعفها، والادهى من ذلك خروج شركة إكسون موبيل العملاقة من مؤشر داو جونز الصناعي، بعد أن كانت عضوًا فيه منذ العام 1928. كذلك تحتاج دول منتجة مثل المملكة العربية السعودية إلى سعر نفط يتراوح بين 70 80 دولارًا للبرميل لموازنة ميزانياتها لكنه يتراوح اليوم بحدود 40 دولارًا فقط.

ليست هذه المرة الاولى التي انخفضت فيها أسعار النفط، لكن الامر يختلف هذه المرة. فمع استيقاظ الشعوب والحكومات والمستثمرين للتغيرات المناخية، تكتسب صناعة الطاقة النظيفة زخمًا قويا حيث اتجهت أسواق رأس المال: ارتفعت أسهم الطاقة النظيفة بنسبة 45٪ هذا العام واقتربت أسعار الفائدة من الصفر، نتيجة لدعم السياسيون لخطط البنى التحتية الخضراء. فعلى سبيل المثال يريد المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، جو بايدن، إنفاق تريليوني دولار لإزالة الكربون من الاقتصاد الأمريكي. كما خصص الاتحاد الأوروبي 30٪ من خطته للتعافي من فيروس كوقيد -19 اي 880 مليار دولار لتدابير المناخ فقط، كما استخدمت رئيسة الاتحاد، أورسولا فون دير لاين، خطاب حالة الاتحاد هذا الأسبوع لتأكيد أنها تريد أن يقطع الاتحاد الأوروبي انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 55٪ مقارنة بمستويات عام 1990 في العقد المقبل.

يعد نظام الطاقة في القرن الحادي والعشرين بأن يكون أفضل من عصر النفط فهو أفضل لصحة الإنسان وأكثر استقرارًا من الناحية السياسية وأقل تقلبًا اقتصاديًا. لكن هذا التحول ينطوي على أخطار كبيرة إذا لم يكن منظماومدروسا، فقد يضيف إلى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في الدول البترولية مما سيمكن الصين من السيطرة على قطاع تجهيز الطاقة الخضراء.والأخطر من ذلك، هو حدوث التحول ببطء شديد.

يشكل الوقود التقليدي اليوم المصدر الاساسي لـ 85٪ من الطاقة. لكنه نظام غير نظيف حيث ان تلك العملية تمثل ثلثي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؛ يقتل التلوث الناجم عن حرق الوقود التقليدي أكثر من 4 ملايين شخص سنويًا،معظمهم من المدن الكبرى في دول العالم الثالث.

تسبب النفط أيضًا في عدم الاستقرار السياسي. لعقود من الزمان، كانت الدول النفطية كفنزويلا والمملكة العربية السعودية على سبيل المثال، غارقة في سياسات البذخ والكرم والمحسوبية، مع القليل من الحوافز لتطوير اقتصاداتها.

وفي محاولة لضمان تأمين الإمدادات، تنافست القوى الكبرى في العالم للتأثير على هذه الدول المنتجة، ليس أقلها في الشرق الأوسط، حيث تمتلك أمريكا قرابة 60 ألف جندي.

يتسبب الوقود التقليدي في حدوث تقلبات اقتصادية أيضًا حيث تتعرض أسواق النفط لضربة من قبل دولة مارقة مثلا او تكتل وكارتل غير مسؤول. إن تركيز احتياطيات النفط في العالم يجعل الإمدادات عرضة للصدمات الجيوسياسية. لهذا لا عجب أن سعر النفط تأرجح اثنان وستون مرة بأكثر من 30٪ في فترة ستة شهور فقط علما من ان هذا لم يحصل منذ العام 1970.

ان صورة نظام الطاقة الجديد لهي آخذة في الظهور. يمكن أن يرتفع استخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من 5٪ من الإمداد اليوم إلى 25٪ في عام 2035، وما يقرب من 50٪ بحلول عام 2050. عندها سينخفض ​​استخدام النفط والفحم، على الرغم من أن الغاز الطبيعي الأنظف سيظل مركزيًا. ستحقق هذه البنية في النهاية فوائد ضخمة. والأهم من ذلك،فأن إزالة الكربون من الطاقة سيجنبنا الفوضى الناجمة عن تغير المناخ غير الخاضع للرقابة، بما في ذلك الجفاف المدمر والمجاعة والفيضانات والاضطراب الجماعي.

وبمجرد أن تنضج تلك المشاريع، سيوفر ذلك استقرارًا أكثر من الناحية السياسية أيضًا، لأن العرض سيكون متنوعًا جغرافيًا وتقنيًا وسيتعين على الدول البترولية محاولة إصلاح نفسها، وعندما تبدأ حكوماتها في الاعتماد على فرض الضرائب على مواطنيها، ستصبح بعض هذه الدول أكثر تمثيلاً. اما البلدان المستهلكة، والتي سعت في السابق إلى تأمين الطاقة من خلال التدخل في سياسات منتجي النفط، ستنظر بدلاً من ذلك إلى التنظيم المعقول لصناعة الطاقة في بلدانهم. يجب أن يكون نظام القرن الحادي والعشرين أقل تقلبًا من الناحية الاقتصادية ذلك لان تحديد أسعار الطاقة لن يتم من قبل عدد قليل من الجهات الفاعلة الكبيرة ولكن من خلال المنافسة والمكاسب التدريجية في الكفاءة.

ومع ذلك، حتى مع ظهور نظام طاقة أفضل، يلوح في الأفق تهديد الانتقال غير المدروس او سوء الإدارة.

يبرز هنا خطران. اولا، يمكن للصين الأوتوقراطية أن تكتسب نفوذاً مؤقتاً على نظام القوة العالمي بسبب هيمنتها في صنع المكونات الرئيسية وتطوير تقنيات جديدة.

تنتج الشركات الصينية اليوم 72٪ من وحدات الطاقة الشمسية في العالم، و69٪ من بطاريات الليثيومأيون و45٪ من توربينات الرياح. كما أنها تتحكم في الكثير من تنقية المعادن الضرورية للطاقة النظيفة، مثل الكوبالت والليثيوم. فبدلاً من جمهورية النفط الشعبية، قد تصبح الصين جمهورية الطاقةالشعبية.

في الأشهر الستة الماضية فقط، أعلنت الصين عن استثمارات في البنية التحتية للسيارات الكهربائية ونقل تلك التكنلوجيا، وكذلك اجرت اختبارا علىمحطة نووية في باكستان وتفكر الان في تخزين الكوبالت، (الكوبالت – هوعنصر كيميائي مثل النيكل، يوجد في قشرة الأرض فقط في شكل مركب كيميائيًا، باستثناء الرواسب الصغيرة الموجودة في سبائك الحديد النيزكي الطبيعي).

يعتمد نفوذ الصين على مدى سرعة تحرك الاقتصادات الأخرى (الغربية). تعد أوروبا موطنًا للمطورين العمالقة لحقول طاقة الرياح والطاقة الشمسية – تقوم شركات أورستد وإينيل وإيبيردرولا ببناء مثل هذه المشاريع حول العالم. كما تقود الشركات الأوروبية السباق لخفض انبعاثاتها أيضًا.

تأثر مسار أمريكا بظهور النفط والغاز الصخري، الأمر الذي جعلها أكبر منتج للنفط في العالم، كنتيجة لمقاومة الحزب الجمهوري الضارية لإجراءات إزالة الكربون المصاحب. وإذا كان لأمريكا أن تتصرف بشأن تغير المناخ – على سبيل المثال، بضريبة الكربون وبنية تحتية جديدة – فإن أسواق رأس المال ومعامل الطاقة الوطنية والجامعات ستجعل من امريكا قوة خضراء هائلة.

الخطر الكبير الآخر هو التحولات الحاصلة في الدول البترولية، والتي يمثل دخلها القومي 8٪ من الدخل الإجمالي العالمي وبتعداد سكاني يقرب من 900 مليون نسمة. ومع تضاؤل ​​الطلب على النفط، ستواجه هذه الدول معركة شرسة من أجل الحصول على حصة في السوق والتي ستفوز بها الدول ذات النفط الخام الأرخص والأنظف. حتى في الوقت الذي يتصارعون فيه، مع الضرورة الملحة المتزايدة للإصلاح الاقتصادي والسياسي، قد تتضاءل الموارد العامة لدفع ثمن ذلك. فقد تراجعت الإيرادات الحكومية السعودية هذا العام بنسبة 49٪ في الربع الثاني. تنتظرنا عقود قليلة محفوفة بالمخاطر.

في مواجهة هذه المخاطر، سيكون التحول التدريجي هو الإغراء، الانتقال ببطء أكثر. ومع ذلك، فقد نصل إلى وضع مختلف، بل وأكثر زعزعة للاستقرار الدولي من العواقب المتعلقة بالمناخ. بدلاً من ذلك، كما يوضح تقريرنا الخاص هذا، فإن الاستثمارات التي يتم الحديث عنها تقل بشكل كبير عما هو مطلوب للحفاظ على درجات الحرارة في حدود 2 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ناهيك عن 1.5 درجة مئوية وهي الحد الادنى المطلوب للحد من الانفلات البيئي والاقتصادي والسياسي المتوقع نتيجة للاضطرابات التي بدأت تحصل بسبب تغير المناخ.

على سبيل المثال، يجب أن يكون الاستثمار السنوي في طاقة الرياح والطاقة الشمسية حوالي 750 مليار دولار، أي ثلاثة أضعاف المستويات الحاصلة الان. وإذا تسارع التحول نحو الطاقة المتجددة الخالية من الوقود التقليدي، وهو المطلوب، فسوف يتسبب ذلك في مزيد من الاضطرابات الجيوسياسية.

يعد الانتقال إلى نظام طاقة جديد أمرًا حيويًا، لكنه سيسبب الفوضى.

 

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *