كتب … علاء الخطيب
هل اجهضت المليونية الصدرية التظاهرات، وهل كان اتباع التيارالصدري ركيزة أساسية للتظاهرات التشرينية، وهل سيؤثر انسحابهم على عزيمة المتظاهرين المرابطين منذ شهور ثلاثة ونيف دون كللٍ او ملل؟ أم العكس
اسئلة ولدت من رحم المخاض العراقي.
فعلى قاعدةِ رب ضارةٍ نافعة ، جائت تظاهرات الصدريين لتعلن عن لاعب رئيسي جديد في العراق ، لاعب لا ينتمي الا للعراق وهو الجمهور المستقل ، الذي انتج قيادات كما انتج شباباً وشابات صنعوا توجه مختلف ،
كما أظهرت ان الصدريين ليسوا إلا مجموعة من المجموعات وخيمة من الخيم، انسحبوا أو لم ينسحبوا فلن يضروا الحراك شيئا .
ولم يكونوا ركيزة اساسية ولن يؤثروا على روح التظاهرات وعزيمة المتظاهرين .
بهم أو بدونهم سيستمر الحراك وتستمر المطالبة بالحقوق ولن يتوقف الشباب التشريني عن اعتصامه وتظاهراته .
لم تكن مطالب التشرينيين ترفاً حياتيًا أو بطراً مزاجياً ، ليرجعوا الى بيوتهم بأمر الزعيم أو القائد ولم يكن حراكهم مرتبطاً بهذا التيار او ذاك و لم يخرجوا للنزهة ، بل خرجوا لطلب الإصلاح ، وها هم مستمرون .
فقد أضيف لهم عنصر آخر منحهم زخماً قوياً ، وصوتاً
مبشراً ونذيرًا ، وداعياً إلى الحق بإذن الشعب وسراجاً منيرا
لقد أفرزت تظاهرات الجمعة الماضية رقماً جديداً صعباً في المعادلة العراقية ، هذا الرقم دعى الى مليونية متقابلة، ولأول مرة يستطيع فصيل عراقي ان يتحدى التيار الصدري في قيادة الشارع ،
ويدعو الى مليونية ، هذا ينبأ بولادة جديدة لفكر جديد وهي بداية لعملية التغيير الحقيقي ، التغيير في المضمون وليس في الشكل ، التغيير في الفكر والاستراتيجية، وليس بالاسم والشعار . وهذا هو التحدي الحقيقي للتيار بل للتيارات جميعها ، خروج المليونية المتقابلة لا يعني الكم بل النوع .
الذين خرجوا في الجمعة الماضية كانوا ينتمون الى لون واحد أُختيرَ لهم ، والذين سيخرجون سيختارون لونهم باستقلالية تامة .
لكن عليهم ان يكونوا حذرين وان لا ينسحبوا للمساحة التي يراد لهم ان يجرّْوا اليها ، وان لا تكون مليونيتهم للتحدي أو إثبات الوجود ، بل هي مليونية النهج الجديد ، مليونية الوطن الحُلم وليست مليونية الضد النوعي , مليونية الفعل وليست مليونية رد الفعل
فنحن في عصر جديد ووعي جديد لا علاقة له بصراع المغانم .
عصر ما بعد المليونية