كتب …. حسام الكعبي
اليوم أتممت 33 عاماً من عمري عشتها بين الفقر والعوز والخوف والدماء والإرهاب والتظاهرات ضد الظلم!
ولدت اواخر الحرب الايرانية-العراقية ومشيتُ على أقدامي أيام النصر المزيف 8-8-1988 الذي راح ضحيته ملايين المسلمين من الطرفين، بدأت بالنطق في غزو الكويت العار الذي سيلاحق صدام ومن دفعه الى ذلك الى أبد الآبدين ولا زلت أتذكر كيف هربنا انا وأهلي وكان عمري 4 سنوات من جيش صدام المجرم أيام الإنتفاضة الشعبانية مع خوالي اتذكر كيف رَكبت 5 عوائل في زورق “كعد” واحد من شارع السكة الى الصوب الثاني (آلبو حداري) وشاهدتُ بأم عيني كيف الرجال والشباب والاطفال والنساء يحاولون ركوب اي زورق او المحاولة بأي شكل من الاشكال للعبور الى الجهة الأخرى الأكثر أماناً والكثير منهم غرق.!
بعد وصولنا الى الصوب الثاني من شط الكوفة توجهنا الى مزرعة تابعة لخوالي آلبو ذبحك … رحم الله خالي السيد هادي زوين الذبحاوي قال وانا اجدف بالزورق انظر الى والدتي وخواتي وزوجتي وبناتي واطفال العائلة اذا انقلب الزورق وسط النهر من الذي سأنقذه؟ لم افهم هذه العبارة حتى كبرت وفهمت معنى التحدي الذي مر بوالدي وخوالي وعمامي وباقي الناس في مرحلة القذر صدام وجرائم ازلامه.
بعد الحرب الايرانية-العراقية واحداث غزو الكويت وأيام الإنتفاضة الشعبانية أصبح عمري 5 سنوات! بدأت بمرحلة جديدة تربيت في أيام طفولتي بالحصار الأمريكي والكل يتذكر كيف كانت أيام الحصار لا عيشةٌ كريمة ولا أمان من سلطة البعث … حتى عام 2003 .. 13 عام من العذاب والخوف والألم والظلم … عام 2003 وبعد كل هذه التحديات أصبح عمري 19 عاماً كنت أتذكر جيدًا لحظة إعلان الحرب على العراق وكيف كان الناس يتحدثون عن مستقبل يشبه مستقبل الأوربيين والأمريكيين لان من سيحكم العراق هم قادة الجهاد ضد البعث وأبناء البلد الذين ظلمهم صدام.!
بدأنا بلا دولة وعشنا في مرحلة كل شيء فيها غير واضح، الا اننا كنا نشعر ان الحياة الكريمة قادمة لا محال! كيف ولماذا لا أعرف.
دخلت العشرينات من عمري وبدأت معركة أخرى تختلف عن السابقة تماماً كانت تتشابه بأصوات الرصاص ورائحة الدم لكنها بأدوات جديدة … حرب جيش المهدي مع الأمريكان كنت حينها أسكن في الكوفة حي 17 تموز القريب من مسجد الكوفة والحرب كانت دائرة في هذه المنطقة اتذكر كيف ينطلق الصاروخ من منطقتنا او شارعنا وكيف الدبابات الأمريكية تدخل الى شوارعنا وتقف أمام بيوتنا وتبدأ بالضرب حتى مطلع الفجر.
هذه الأحداث عشناها لأكثر من شهر قبل ان تتوقف المواجهة وتعود بعد فترة بسيطة في مقبرة النجف البعيدة عن مناطق السكن … حتى انتهت في نفس العام 2004 .
انتهت حرب جيش المهدي مع قوات الإحتلال وبدأنا نعيش أيام أصعب من الأحداث أعلاه ألف مرة أحداث القتل على الهوية (الحرب الطائفية) اسمك علي؟ لو عمر؟
تخيل انك شيعي لا يجوز لك ان تذهب الى المناطق السنية والعكس صحيح عصابات استفردت بالمدنيين ومثلت بهم أبشع صور الإجرام.
انتهت الحرب الطائفية بعد ان قدمنا آلاف الأبرياء ودخلنا في تحدٍ جديد تحد العصابات الإرهابية التي نفذت مئات الآف من الجرائم سيارات مفخخة احزمة ناسفة صواريخ كاتويشا كواتم وكل انواع الحرب ضد العراقيين، قبل ان ننتهي منها خرجت لنا عصابات د11اعش واللحظة التأريخية التي تلاحم فيها كل العراقيين من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال وسطروا المجد ضد التنظيم الأكثر شراسة واجراماً في العالم … وبعد كل هذا الظلم والألم والإرهاب والفساد والكذب والنفاق والخوف وتسألنا حكومتنا الرشيدة لماذا نتظاهر؟
اعيش اليوم بداية سنة جديدة ومعركة شاركت بها منذ عام 2011 معركة إثبات الوجود وتحقيق الحرية ليست لنا لأننا نعرف ان اعمارنا وسنوات حياتنا الجميلة ذهبت ولن تعود نحن نبحث عن حياةٍ لا تشبه حياتنا المؤلمة لأطفالنا وللأجيال القادمة …. سنستمر حتى تحقيق النصر لأطفالنا ولعراقنا الذي ضحينا له ولم يضحي لنا!