مجيد الهماشي
ترجمة تقرير قناة بي بي سي 20/09/2020
كشفت قناة الـ بي بي سي البريطانية اليوم في تقرير مفصل يعرف بتقرير هيئة (فين سين – FinCEN) عن وثائق مسربة تنطوي على معاملات مالية بقيمة تريليوني دولار، ويوضح التقرير كيف سمحت بعض أكبر البنوك في العالم للمجرمين بنقل تلك الأموال القذرة في جميع أنحاء العالم.
ويظهر التحقيق ايضا كيف استخدمت العصابات الأوليغارشية الروسية البنوك لتجنب العقوبات التي كان من المفترض أن تمنعهم من إيصال أموالهم إلى الغرب.
تعتبر هذه التسريبات الأحدث في سلسلة التجاوزات على مدى السنوات الخمس الماضية والتي وردت فيها اسماء بعض قادة العراق في حينها والتي كشفت عن صفقات سرية وغسيل أموال وجرائم مالية بمبالغ فلكية.
تجدر الاشارة هنا الى ضلوع البنك العربي الاردني والبنك المركزي لدولة الامارات في هذه الجرائم الخطيرة وكيف تم استخدام وتحويل الاموال لتمويل العمليات الارهابية، ويشير التقرير من ان البنوك البريطانية تلعب دورا بارزا في هذه التجاوزات وربما تكون اموال العراق تشكل الجزء الاكبر مما تم تحويله عن طريق الاردن والامارات!
ما هي ملفات FinCEN؟
تتكون ملفات فين سين FinCEN من أكثر من 2500 وثيقة، وهي ملفات ارسلتها البنوك العالمية إلى السلطات الأمريكية بين عامي 2000 – 2017. وتتعلق بمخاوف هذه البنوك بشأن تصرفات زبائنها.
تحضى وثائق FinCEN بحراسة مشددة كونها تخص أكثر أسرار النظام المصرفي الدولي وتستخدمها البنوك للإبلاغ عن اي سلوك مشبوه ولكنها ليست دليلاً على ارتكاب مخالفة أو جريمة.
تم تسريب الملفات إلى وكالة (بزفيد نيوز الامريكية – Buzzfeed News) والتي قامت بمشاركتها مع مجموعة من الصحفيين الاستقصائيين من جميع أنحاء العالم، وبلغ عددهم 108 مؤسسة إخبارية من 88 دولة، بما في ذلك قناة البي بي سي.
قام مئات الصحفيين بغربلة الوثائق الفنية الكثيفة، وكشفوا عن بعض الأنشطة التي تفضل البنوك ألا يعرفها الجمهور.
وقبل الخوض بتفاصيل التسريبات يجب توضيح اثنين من المصطلحات المهمة:
اولا – مختصر (فين سين – FinCEN) وهو مختصر للهيئة الأمريكيةلكشف الجرائم المالية. وهي هيئة تابعة الى وزارة الخزانة الأمريكية يقوم طاقمها بمكافحة الجرائم المالية التي تتم بالدولار الأمريكي حتى لو حدثت خارج الولايات المتحدة.
ثانيا – تقرير الأنشطة المشبوهة، أو ما يعرف بمختصر SARs، وهو نموذج استمارة يتم فيه تسجيل شبهات الفساد او الخروقات ويجب على البنك أن يملأ أحد هذه التقارير في حالة شعوره بالقلق من تصرفات أحد زبائنه ويتم إرسال التقرير إلى سلطة فين سين.
ويقول فيرغوس شيل من الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين إن الملفات المسربة كانت “نظرة ثاقبة لما تعرفه البنوك عن التدفقات الهائلة للأموال القذرة في جميع أنحاء العالم”.
وقال إن الوثائق سلطت الضوء أيضًا على المبالغ المالية الضخمة بشكل غير عادي. تغطي المستندات الموجودة في ملفات FinCEN حوالي 2 تريليون دولار من المعاملات وهي ليست سوى نسبة ضئيلة من تقارير SAR المقدمة خلال تلك الفترة.
ما الذي تم الكشف عنه؟
كان هناك عدد من التسريبات الكبيرة للمعلومات المالية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك ما عرف بتسمية (بارادايس بيبرز – (Paradise Papersوترجمتها أوراق الجنة – وهي عبارة عن مجموعة ضخمة من المستندات المسربة من مكتب للخدمات القانونية في جزر البحر الكاريبي لشركة (ابلبي –Appleby) وتم كشف الحسابات المالية الخارجية للسياسيين والمشاهير ورجال الأعمال من مختلف دول العالم في العام 2017 وقبلها في عام 2016–ما عرف بأوراق بنما – حيث أظهرت وثائق مسربة من شركة المحاماة موساك فونسيكا المزيد حول كيفية استخدام الأثرياء لأنظمة الضرائب الخارجية لصالحهم وفي عام 2015 أظهرت وثائق من بنك HSBC السويسري الخاص كيف تم استخدام قوانين السرية المصرفية في البلاد لمساعدة الزبائنعلى تجنب دفع الضرائب.
لكن تسريبات أوراق فين سين الحالية مختلفة لأنها ليست مجرد مستندات من شركة أو شركتين – إنها تأتي من عدد كبير من البنوك العالمية وتم تسليط الضوء على مجموعة من الأنشطة المشبوهة المحتملة التي تشمل الشركات والأفراد ويثير هذا أيضًا تساؤلات حول سبب عدم تصرف البنوك التي لاحظت هذا النشاط لكنها لم تتخذ الاجراء المناسب بشأن مخاوفها.
وبمجرد أن يقدم البنك بلاغًا إلى السلطات بعد الحدث، يصبح من الصعب للغاية مقاضات المخالف وملاحقته أو ملاحقة رؤسائه التنفيذيين.
وقالت هيئة فين سين أن التسريب قد يؤثر على الأمن القومي للولايات المتحدة،ويهدد التحقيقات، وسلامة المؤسسات والأفراد الذين يقدمون التقارير.
لكنها أعلنت الأسبوع الماضي عن مقترحات لإصلاح برامج مكافحة غسيل الأموال.
كذلك كشفت المملكة المتحدة أيضًا عن خطط لإصلاح سجل الشركات لتضييق الخناق على عمليات الاحتيال وغسيل الأموال.
مجيد الهماشي