لازال البعض يحفر في ازاميل الكراهية للبحث عن احجار الحقد والضغينة في التاريخ ، ويحسب انهيُحسنُ صنعا أو يكشف كشفاً جديداً يغير به وجه العالم .

لعبة صراع الافكار والتكفير لعبة الاديان منذ القدم ، فكلما دخلت أمةٌ لعنة أختها .

وهكذا هي العقائد لعبة التكفير ورفض الاخر المختلف, كما  هو التاريخ لعبة الاكاذيب والافتراءات .

  يقول نابليون بونابرتالتاريخ مجموعة من الاكاذيب  المتفق عليها

فلا حقيقة مطلقة مادامت الأُذن هي المصدر .

كلنا يعرف ان اليهودية لا تعترف بالمسيحية وان المسيحية لا تعترف بالاسلام  ، وان  لاسلام لا يعترفبكليهما ، وان اعترف بانبيائهم.

ولدت العقائد  لتزيح بعضها بعضاً. وهذه حركة الزمن والاجيال ، الصراع والتصادم حقيقة بشرية ، ولكنما يحُد من هذا الصراع هو العقلانية .

والعقل هو الميزان الحقيقي لتحليل الافكار ، يقال ان الفكرة بنت الزمن فلا يمكن ان نحلل اي قول ما لمنستحضر  البعد الزمكاني، كي نصل الى الحقيقة، أو نقترب منها . فكل ما قيل او يقال من فكر   أو حدثلابد ان يحاكم  بادوات الزمن الذي ولد فيه  وهذه هي العقلانية .

اما منْ يحاكم الافكار او يحللها فالجواب بالتأكيد هم اصحاب الاختصاص من الباحثين وليس النابشين.

فليس من مهماتي  كصحفي ان احاكم اصحاب الافكار ، كما ليس من مهماتي ان أكون مع أو ضد الفكرة  ، ولكني راصدٌ للاحداثً، ومحلل لها ، كمتابع للشأن العام .  ولا يهمني مَنْ يكفر مَنْ  ومن يشهد بايمانالاخر .

ما دمت متيقناً ان الله هو الذي يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وهو ارحم الراحمين .

ولكن  كأنسان اخشى  من نار التقاطعات و الفتنة التي تخلقها الكلمات الهوجاء  للبعض بحجة الحقيقةوالبحث العلمي .

فهناك فرق كبير بين النبش  والبحث . فربما كلمة تشعل حربا وتزهق ارواحاً وتسيل بسببها الدماء ، لذاجاء في الموروث ( ليت لي رقبة كرقبة البعير كي أزن الكلام قبل النطق به )، وهي كناية  عن تنقية الكلام ،  وحسابات تأثيره على الناس .

والسؤال الاكثر واقعية هو ما الذي  يستفيده المجتمع من اثارة الكراهية؟ ، والنبش في امور لا تغنيولاتسمن من جوع .

ورحم الله الامام ابي حنيفة حينما قال عن حجية الصحابي في الروايةهم رجال ونحن رجال اجتهدواونجتهد

ويعني ذلك  امكانية الخطأ والصواب في القول محكوم بالزمن الذي قيل فيه ، فليس كل ما قاله الاوائلهو حجة ومصدر يجب الاحتكام له .

خصوصاً في المسائل العقائدية التي يتعصب لها الكثيرون دون ان يعرفوا السبب، من هنا يجب ان يحاذرالعاملون في المجال العقائدي  من رجال الدين من الانزلاق في اتون الفتنة .

فالصورة المتخيلة في العقل الباطن لرجل الدين هو مصدر محبة وسلام واطمئنان ، كونه متصلبالسماء ومصدر للخير ، لذا لا يمكن ان نتصور رجل الدين وهو يفتي بالقتل والكراهية والتحريض. ومعالاسف  نحن نعيش في زمن الحقائق المقلوبة.

زمن تغول الكراهية والتفنن في صناعة أزاميل الكراهية، وما عسانا ان ننحت لها سوى التجهيل والتخلفوالأسر للماضي .

لكي نكون أضحوكة للأمم  ونحن كما يطلق عليناأمة إقرأورحم الله المتنبي

أغايةُ الدِّينِ أن تُحْفوا شواربكم

يا أمةً ضحكتْ من جهلها الأمم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *