1. هل قرأ الملك سلمان تاريخ عائلته؟؟؟

كتب : علاء الخطيب
سقطت الدولة السعودية الاولى حينما تحدت الكبار، وسقطت الدولة السعودية الثانية حينما تصارع ابناء العمومة على الحكم، واليوم تواجه السعودية الامرين معاً .
الدولة السعودية الاولى التي تأسست عام 1744 في الدرعية نتيجة تحالف رجل الدين محمد بن عبد الوهاب وشيخ القبيلة محمد بن سعود ، استمرت حتى العام 1818، اذ سقطت على أيدي المصريين حينما تحدى بن سعود سلطة السلطان العثماني واراد ان يستولى على قوافل الحجاج ويسطر على مكة والمدينة ، التي كانت تحت سلطة الدولة العثمانية وبحماية جيش محمد علي باشا والي مصر ، فأرسل محمد علي ولده ابراهيم على رأس جيش اسقط آل سعود ودولتهم التي دامت 74 عاماً . فدفعوا ثمن تحدي الكبار
ولم تمض إلا ست سنوات حتى استعاد آل سعود عافيتهم ، وأسسوا دولتهم الثانية على يد حفيد محمد بن سعود الامام تركي بن عبد الله الذي دخل في صراع مع ابن عمه على الحكم أدى بمقتله وتسلم ولده فيصل للحكم . وخلف فيصل اربعة اولاد تصارعوا على الحكم بعده لتسقط الدولة الثانية نتيجة الصراعات داخل العائلة الحاكمة عام 1891 على يد آل الرشيد .
وفِي العام 1902 أسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الدولة السعودية الثالثة ، وجعل نصب عينيه الأخطاء التي أدت الى سقوط الدولتين اللتين سبقته.
فتعلم ممالئة الكبار والانصياع لهم ، ووضع نظام توارث الحكم بين الأبناء لكي يجنب دولته المخاطر والتحديات.
فقد ارتبط بتحالف ستراتيجي مع بريطانيا ووقع بما يعرف بمعاهدة القطيف عام 1915 التي بموجبها دعمت بريطانيا الوضع الجديد في الجزيرة، وطالب عبد العزيز بالحماية البريطانية، ومن ثم غضت الطرف عن آل سعود ليهاجموا الحجار ويسقطوا الهاشميين، وليوقِّعوا مع البريطانيين معاهدة جدة عام 1927 ، وبانتهاء الحرب العالمية الثانية وبروز امريكا كقوة عظمى في العالم توجهت البوصلة السعودية اليها، ففي عام 1945 اجتمع الملك عبد العزيز مع روزفلت على متن الباخرة في البحيرات المرة بمصر . جاء ذلك بالتزامن مع اجتماع الملك عبد العزيز مع ونستون تشرشل في فندق الاوبرج في مصر ، ويبدو ان عبد العزيز ادرك ان زمن بزيطانيا العظمى قد ذهب وأصبحت المملكة المتحدة عجوز غير ذي بال . لذا كان الاجتماع بفرانكلين روزفلت مثمراً أسس الى علاقة وطيدة بين الطرفين استمرت الى يومنا هذا .
فقد اتفق الرجلان على ان امريكا تقوم بحماية النظام في السعودية مقابل دفع مبالغ مالية والسيطرة على أسعار النفط .
واعْتُبرَ حماية النظام السعودي من ثوابت السياسة الامريكية في الشرق الاوسط ، فالعلاقة الامريكية السعودية بنيت على هذا الأساس، اي المال مقابل الحماية .
وما قاله الرئيس ترامب للملك السلمان مؤخراً ( عليك الدفع … لولانا لم استطعت الحفاظ على طائراتك ) لم يكن سراً بل كانت معلومة مسكوتٌ عنها وأعلنها ، أراد ان يقول لا تلعبوا مع الكبار او لا تفكروا بذلك مطلقاً .
واليوم تواجه المملكة التحديين معاً ، فقد وقعت الخصومة بين ابناء العمومة مما يهدد استقرار الحكم فيها ، وبالتأكيد ان كلٍ من الأمراء له ارتباطاته وعلاقاته التي سيوثقها من اجل ان ينتصر في المعركة القادمة.
فتنحية الامراء واعتقالهم بحجة الفساد وسلبهم اموالهم وممتلكاتهم ، واقصاء اولاد الملك عبد العزيز عن ولاية العهد كأحمد ومقرن ومخالفة القواعد التي سنها عبد العزيز لن يمر بسهولة .
ناهيك عن امر اخر ربما يكون أكثر خطورة على كيان المملكة وهو ضرب المؤسسة الدينية التي بنيت عليها قواعد الدولة.
فالدولة السعودية قامت على تحالف ديني سياسي وكان المذهب الوهابي هو المحرك الأساس لقيام وقوة الدولة السعودية ، وهذا جاء نتيجة التصاهر بين محمد بن عبد الوهاب وال سعود .
اليوم يقوم ولي العهد محمد بن سلمان بنسف قواعد اللعبة والحكم الذي استمر لـ 116 عام ولا يزال، بتحدي الكبار والدخول بالخصومة مع ابناءعمومته، وضرب وتقويض المؤسسة الدينية السعودية هذا الركن المهم في تثبيت دعائم الحكم ، باعتقال رجال الدين والمشايخ وتحديد سلطاتهم .
ان ضرب المؤسسة الدينية الوهابية في السعودية بهذه الطريقة سيجعل النظام ضعيفاً ، أي أصبح نظام سياسي عاري لا يستند في وجوده الى اي فكر يضمن له استمراريته وديمومته، خصوصاً وانه يدعي رعاية وحماية الحرمين الشريفين ، وان وجود مكة والمدينة يفرض على النظام في السعودية ان يكون مستند الى فكر ديني ، واذا تغيرت قواعد اللعبة فسيكون هناك اختلال بالتوازن ، ولن يكون النظام مؤهل لإدارة الحرمين ، على الاقل من وجهة نظر المسلمين .
يبدو ان مستقبل السعودية على صفيح ساخن اذا ما بقي ولي العهد يلعب بالنار بطريقة الحاكم المنفلت ، وان الملك سلمان سيكون مرهوناً بامكانية الاستفادة من التاريخ. ا ما اراد البقاء والاستمرار لآل سعود .
ربما ستخرج السعودية من ازمتها وستحافظ على وجودها ، لكنها لن تعود كما كانت .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *