بقلم : ساهر عريبي

من للضعفاء والفقراء! هكذا تساءل متعجبا بلهجة مفعمة بالأسى, رئيس ديوان الوقف الشيعي السيد علاء الموسوي, في المؤتمر الصحفي الذي عقده في أعقاب انتهاك حرمة منزله في منطقة الجادرية المحصّنة وسط العاصمة العراقية، بغداد، من قبل جماعة مسلّحة مرتبطة بجهة سياسية بحسب قوله. إذ بيّن الموسوي أن سبب الإعتداء الآثم ليس خلاف شخصي وإنما يعود الى سعي الوقف الى إنفاذ القانون فيما يتعلق بالمساجد التي صادرت جهات سياسية العديد منها.

تساؤل استنكاري يحمل فيه طيّاته العديد من المعاني التي تعبّر عن الواقع في العراق الجديد لمرحلة ما بعد اسقاط النظام في العام 2003, حيث تلعب الفصائل المسلّحة دورا كبيرا على الساحة, تنامى فيه هذا الدور لمرحلة مابعد تحرير العراق من تنظيم داعش الإرهابي ليصل الأمر الى حد انتهاك حرمة مسؤول كبير في الدولة, فمن للضعفاء! فهناك سوء استخدام للسلاح وصل الى حد قتل المواطنين ونهب ممتلكاتهم وممتلكات الدولة وتأسيس مكاتب اقتصادية تستحوذ على العقود الحكومية دون تنفيذها, فضلا عن حالة الإرهاب الفكري التي تفرضها على المجتمع وخاصة على كتابه ومفكريه.

كشفت حادثة الإعتداء على رئيس ديوان الوقف الشيعي مدى تغول هذه المجموعات المسلحة ومدى استهانتها بالدولة وبالقانون, فعندما يتعرض مسؤول في الدولة برتبة وزير الى مثل هذا الإنتهاك فماهو حال المواطن العراقي الضعيف والفقير والبسيط؟ فهل هناك من كرامة لهذا المواطن؟ وهل هناك قانون يحفظ حقوقه ويدافع؟ وعندما تعجز الدولة عن الدفاع عن مسؤول كبير فيها فهل ستحمي مواطن بسيط من سطوة الميليشيات؟

واقع ينذر بالخطر! ففيه مؤشر على ان الدولة لا سيادة لها, والقانون لا هيبة ولا قيمة له بل هو يُعمَلُ على الضعفاء وأما الأقوياء فيستبيحون البلاد دون رقيب او حسيب! صرخة كان يطلقها الضحايا المستضعفون في زمن النظام السابق ممن لا حول لهم ولاقوة أمام أجهزته القمعية, واليوم يعيد التاريخ نفسه ولكن للأسف ضد ذات الضحايا السابقين الذين أصبحوا حكاما اليوم ناسين بان الطغيان يزول يوما مهما تفرعن وتجبّر. لقد كشفت هذه الواقعة والعديد من حوادث القتل والإعتداء قبلها عن مدى هشاشة مؤسسات الدولة الأمنية, وعن مدى ضعف الحكومة وسقوط هيبة الدولة والقانون. فرئيس الوزراء الذي أصدر أمرا ديوانيا قبل ايام, ظهر ان ذلك الأمر هو مجرد حبر على ورق! وان القوى السياسية والجهات الأمنية هي أجبن من ان تدين مثل هذه الممارسات التي ستشجع مرتكبيها على ارتكاب ماهو أفظع منها.

كما وكشفت هذه الواقعة عن حقيقة مرّة يعيشها الكتاب والإعلاميون داخل العراق, فقد لفّهم صمت لا مثيل له يعكس مدى رعبهم وخشيتهم من سطوة السلاح الذي سيوجّه نحو رؤوسهم فيما لو أدانوا مثل هذه الأعمال والجهات التي تقف خلفها وتتستر تحت يافطة“ المقدّس“ للتغطية على جرائمها. لقد هزِم القانون, وأهينت مؤسسات الدولة, وانتهكت حرمان المواطنين وكسرت أقلام الكتاب وأخرست ألسنتهم على يد حفنة من الجهلة الجشعين المتاجرين بكل شيء ولو كان مقدّسا! حتى عادت صرخة من للضعفاء تهز أرجاء العراق في زمن ذبح الديمقراطية على معبد الأحزاب المتاجرة بعبادة الله في بيوته التي أذن أن ترفع ليذكر فيها اسمه وليس أسماء أمراء الحرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *