اعدت امي الحلوى هذا اليوم، فهي طباخة ماهرة تجيد صنع المأكولات اللذيذة. طبق اليوم قربان للإله فدية فلسطين.
مكونات طبقها سرٌ أزلي محفوظة بداخلها، إذ اذكر جيدًا عندما كانت النسوه يسألنها “ماذا تخبئين داخلك؟” فكان جوابها دائمًا “شهيدي”
في حارتنا كانت النسوة تجلسن في الدار متباهيات بصُنع شيء غريب لا تستطيع الأخريات القيام بمثل. وحدها امي كانت صامته دائمًا تسمع لهم وتبتسم وعندما يصبح دورها كانت تجيبهم (بيجي يوم بصنع شي ما لح تنسو أبدًا ) .
لم يجادلنها أبدًا، حيث إنهن صبايا في العشرينات في حضرة والدتي التي قاربت الخمسين من عمرها.
عصفت الجبال زناد رجال لا يخشون الموت أن وقع عليهم أم وقعوا عليه. وزلزلت الارض تحت الاعداء فطافت غزّه بدماء شهدائها وسقط في رحم امهاتنا فأنبتنا شهداء ازهرت الارض بدمائهم. كتبوا تاريخًا جديدًا واعادوا جغرافية الزمان كما ولد.
وقفت امي في منتصف الدار المهدم ونادت النسوه من بين الركام حاملة بيدها قطعة من قماش وهي تصرخ باعلى صوتها لقد صنعت لكم أيتها النسوة طبق لم يصنعه أحدٌ بعد.
ركضت النسوة بعد ان اهلكهن الجوع والحصار
ما ان فتحو قطعة القماش حتى وجدو داخلها اشلاء اخي
همست امي والدموع تغسل وجهها لقد صنعت قربان من اجلك يا قدس رفعت قطعة القماش الى السماء وهي تردد ارضيت يا رب؟ خذ ما شئت حتى ترضى.
بعدها القت بها الى السماء فتناثرت اشلاء اخي فولد جيل اخر يصلي اليوم في الاقصى بعد ان طبع في جسد كل منهم قطعه من اشلاء اخي التي اعدتها امي على طبق الموت لتحي امه بأكملها وتعيد كل حبة رمل الى فلسطين…
بقلمي
عبير مالك حرب
لبنان