بقلم: هشام داوود
تعتبر الصين واحدة من أهم مواضيع عصرنا، فمنذ بداية الوباء العالمي في عام ٢٠٢٠ انخفضت الحريات الصحفية في جميع أنحاء البلاد بوتيرة متسارعة اذ ان المراسلين الأجانب العاملين كان تواجدهم أقل وتمكنوا من تغطية الاخبار أقل بكثير ايضاً في عام ٢٠٢٢ ويرجع ذلك بشكل واضح إلى قيود حظر التجوال ويبقى أن نرى ما إذا كانت ستتغير هذه الحالة ام لا.
إن القيود التي وضعها الرئيس الصيني شي جين بينغ بخطته التي اسماها (صين خالية من كوفيد) والتي استمرت معظم عام ٢٠٢٢ اثرت سلباً على خطط التغطية حيث كان الصحفيون الأجانب في الصين يتعرضون للمضايقة وتضاءل عددهم بشكل كبير بسبب ابعاد الكثير منهم إضافة الى مشاكل الحصول على تأشيرة الصحفيين.
خلال العام أفاد ٤٦٪ من المشاركين للاستطلاع السنوي لنادي الصحفيين أنه تم إخبارهم بالمغادرة أو منعهم من الوصول للأماكن المطلوب تغطيتها لأسباب تتعلق بإجراءات الصحة والسلامة وفقا لمعايير الصين الخاصة.
ونسبة مماثلة أفادت ان ٤٧٪ واجهوا حواجز أمام تقاريرهم بسبب تطبيق مراقبة وتتبع كوڤيد-١٩ الذي اقره الحزب الشيوعي الحاكم.
اما من ناحية عرقلة الشرطة وترهيب المصادر فقد واجه الصحفيون العاملون في الصين مخاوف بشأن تأثير نشاطهم الصحفي على مصادرهم، حيث ان الشخص(المصدر) يتعرض للمضايقة والاحتجاز أو قد يتم استدعائه للاستجواب من قبل السلطات ويعاني بعدها من عواقب سلبية بسبب تفاعله مع الصحفيين الأجانب.
كما يتم استهداف المواطنين الصينيين العاملين في المؤسسات الإعلامية الأجنبية في كثير من الأحيان من قبل السلطات.
لا يزال أكثر من نصف عدد المؤسسات الإخبارية الأجنبية في حالة انتظار تأشيرات الدخول في الوقت الذي يكون جواب المسؤولون للمتقدمين على طلب التأشيرة بأن التأخيرات ناجمة عن “التوترات الجيوسياسية” وهذا عذراً غير مقبول في عالم الصحافة.
ومن الأمثلة على ذلك تم إلغاء تصريح لمراسل أجنبي يحمل تأشيرة صالحة وبطاقة صحفية ومنع من العودة إلى الصين بعد مغادرته البلاد في رحلة عادية.
ان الصحفيين الاجانب غالبًا ما يتجنبوا المقابلات التلفزيونية بسبب خوفهم على الأشخاص الذين تتم مقابلتهم من الوقوع في مشاكل مع السلطات، فهذه قصة يؤكدها أشخاص وقعوا في مشكلة بسبب التحدث إلى وسائل الإعلام الأجنبية، بمعنى وبآخر ان المقابلة مع الصحافة الأجنبية تعتبر وقوع في ورطة حقيقية بالنسبة للناس.
وحتى المحامين العاملين في مجال حقوق الانسان غالباً ما يرفضون طلبات اجراء المقابلات التلفزيونية مع الوكالات الإعلامية الأجنبية بسبب المخاوف، ويأتي هذا بسبب التوصيات الحكومية المستمرة والتي تنص على تجنب الظهور الإعلامي مع جهات اجنبية.
الصحفيون الأجانب يشتكوا من تتبعهم في الصين اين ما ذهبوا، ويتم تصويرهم وتوثيق تحركاتهم وقد يتم التتبع من قبل موظفون أو مجهولون.
اما بالنسبة للضرب والاعتداء، ففي تشرين الثاني ٢٠٢٢ قال الاتحاد الدولي للصحفيين إن مراسلاً من هيئة الإذاعة البريطانية وآخراً من إذاعة تلفزيون سويسرا احتجزا أثناء تغطية الاحتجاجات المناهضة للغلق التجاري في شنغهاي.
وقال الاتحاد في بيان صدر في ٢٨ تشرين الثاني (كان مراسل بي بي سي إد لورانس يقدم تقارير عن الاحتجاجات المناهضة للغلق في شنغهاي، لكن الشرطة الصينية اعتقلته وتم تكبيله بالأصفاد والاعتداء عليه).
وجاء في البيان ان مقطع فيديو واحد عبر الإنترنت يظهر لورانس مكبل اليدين من قبل خمسة ضباط شرطة على الأقل ويرافقه شرطي غير مقنع في الشارع وهو يحث زميله على الاتصال بالقنصلية البريطانية.
اخيراً فإن الصين تحتل المرتبة ١٧٥ من بين ١٨٠ دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي عام ٢٠٢٢ الذي نشرته مجموعة حرية الصحافة مراسلون بلا حدود التي تتخذ من باريس مقرا لها.