بقلم: رقيق عبد الله

ان أعمق الاجابات هي ما لم ننتظره من ابسط التساؤلات .فهل تدرك أن لا يكون لك مكان تذهب اليه خارج الجغرافيا والزمن!!؟و انا اقرأ لدوستويفسكي الجريمة والعقاب. كان المجتمع و ما نفكر و عصبية تكوين الدولة حاضرا في تساءل الفاعلية و وجودها من ابن خلدون الى اجابات ثيدا سكوكبول. ان ابن خلدون صنف تكوين الدولة بخمس مراحل، الظفر ،التأسيس، الاستبداد،الترف والهرم، وبناء على ذلك قال بشيخوخة الدولة وانهيارها وربط ذلك بتآكل العصبية، ويرى ابن خلدون أن العصبية تضمحل في الجيل الثالث للدولة، وأن تلاشي العصبية مربوط بالاستبداد والترف، وأن الدولة تسقط لأن صاحبها تخلى عن العصبية التي جاءت به للحكم، وهذا السقوط قد يتأخر إذا لم تجد الدولة مغالبا يسعى إلى خلافتها، أن ابن خلدون ابدع فيما شاهد و لم يجب عما نعيش واكتفى بعقله المكون و لم يستقرء ان هناك تطورات لظواهر كالاستعمار مثلا و الذي قسم المجتمع العربي لمجتمعين، مجتمع تقليدي ومجتمع حديث، وكذا استجلاب الدولة كجهاز محكم و إمكانيات الدولة الحديثة العالية وقدرتها على التجديد واستيلاد عصبيات جديدة تمنع سقوط الدولة بالشيخوخة في فترة أربعين سنة كما يرى.ولم يخلق فاعلية التساؤل الأهم وهو وجودنا الإنساني الحر و كينونته الاجتماعية في ظل الدولة.ان نهاية عصر الأيديولوجيا لريمون آرون، و نهاية التاريخ لفرانسيس فوكوياما و طروحاتهم حول التطور البشري ووصوله إلى نهايته بإنتصار المشروع الليبيرالي، والذي تعتبره مارغريت تاتشر عبر مقولتها الشهيرة “There is no alternative” فليس هناك خيار؛ غير الحياة السياسية التي تعكس حقيقة الحلول للمشاكل التي تواجهها البشرية. هو في الحقيقة تغييب ممنهج للوعي و عصبية مستحدثة و اقرار الثبات هو في حد ذاته دعوة للتغير. ان صموئيل هنتجتون حين طرح نظرية الفجوة والتي هي فجوة الاستقرار التي يشعر بها المواطن بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، فتنعكس بضيقها أو اتساعها على الاستقرار بشكل أو بآخر. فاتساعها يولد إحباطاً ونقمة في أوساط المجتمع، مما يعمل على زعزعة الاستقرار السياسي، لاسيما إذا ما انعدمت الحرية الاجتماعية والاقتصادية، وافتقدت مؤسسات النظام القابلية والقدرة على التكييف الايجابي، ذلك أن مشاعر الاحتقان قد تتحول في أية لحظة إلى مطالب ليست سهلة للوهلة الأولى، وأحياناً غير متوقعة، ما يفرض على مؤسسات النظام ضرورة التكيف من خلال الإصلاح السياسي، وتوسيع المشاركة السياسية، واستيعاب تلك المطالب. أما إذا كانت تلك المؤسسات محكومة بالنظرة الأحادية ، فإنه سيكون من الصعب الاستجابة لأي مطالب، إلا بالمزيد من الفوضى التي يرى هنتجتون أنها ستقود في نهاية الأمر، إلى استبدال قواعد اللعبة واللاعبين. انه حينما تتمكن الدولة من إنجاز تقدم اجتماعي و لكنه تقابله فجوة التخلف السياسي فيكون النظام ضحية نجاحه.!!.ان ثيدا سكوكبول وفي تحديدها للعلاقات الاجتماعية الراسمة لبناء الدولة و انهيارها طرحت ان الفجوة لا تحدث تغييرا او ثورة لوحدها وانما يصاحبها ذبول المؤسسات و يتحول السخط الاجتماعي الى فعل سياسي، في حال لم ترسم الدولة العلاقة البنيوية بين الدولة و مجموع العلاقات الاجتماعية من خلال علاقة الدولة بالنخب وعلاقة الدولة بالطبقة العاملة وعلاقات الدولة الخارجية. ومن ثمة دراسة نمط العلاقات بين الفاعلين الساسيين وان اي خلال على مستوى هذا التماسك يؤدي إلى الثورة والانهيار .ان فكرنا الاجتماعي المكون وليس الفاعل رسم الدولة ككيان ذاتي بها يحيا و في سبلها يعيش، تولد و تشيخ، و دشن ابن خلدون اسماء مقابر الدول في مخيال العقل العربي الحالم بالتغيير دون فاعلية ثيدا سكوكبول و هي ان ارادة الفرد الاجتماعي هي كيان الدول و وجودها. وان المجد والخلود هما لمن صنعوا التغيير وفق إرادتهم الفاعلة من جيفارا كوبا الى بومدين الجزائر.
كاتب جزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *