د. علي المؤمن
التأسيس للقانون الدستوري الإسلامي:
تستند منظومة القانون الدستوري الإسلامي عقدياً وفكرياً وفقهيا إلى الفقه السياسي الإسلامي، وتستند فنياً إلى قواعد القانون الدستوري الوضعي. والتقنين الدستوري الإسلامي أو تحويل قواعد الفقه السياسي الإسلامي الى قواعد قانونية دستورية وصعية؛ هو عمل منهجي تخصصي صعب، بحاجة إلى لجان مترابطة من الاختصاصيين في كثير من الحقول المعرفية، كفقهاء الشريعة وفقهاء القانون الدستوري وخبراء النظم السياسية وعلماء الاجتماع السياسي. وتتضح هذه الحاجة من خلال الوقوف على طبيعة المراحل التي تستغرقها هذه العملية؛ لتبدأ من استنطاق المصادر الشرعية، وتنتهي بوضع المادة الدستورية في صياغتها المادية الوضعية. وكل مرحلة هي امتداد للمرحلة التي تسبقها، وقاعدة للمرحلة التي تليها. وهذه المراحل على النحو التالي:
1 – إستخراج النظرية العامة للإسلام؛ أي الثوابت العقدية للإسلام.
2 – إستخراج النظرية العامة للشريعة الإسلامية وغاياتها ومقاصدها وأهدافها.
3 – إستخراج نظرية الدولة الإسلامية وأهدافها ووظائفها ومنظومتها الفقهية.
4 – إستخراج النظرية السياسية الإسلامية، ومنظومة الفقه السياسي الإسلامي وأحكامه.
5 – تحويل أحكام الفقه السياسي الإسلامي إلى منظومة قانونية دستورية وضعية عامة، وهو ما يسمى: «القانون الدستوري الإسلامي» بلغة القانون، وهو مادة مهمة ينبغي استحداثها في فرع القانون الدستوري، وتتميز بمضمونها العقدي الإيديولوجي.
6 – إستخراج الخصوصيات والقبليات الإدارية والسياسية والاجتماعية والمذهبية للكيان الإداري – السياسي للبلد المتشكل جغرافياً وتاريخياً وفق أحكام القانون الدولي، والمراد تطبيق الدستور الإسلامي فيه.
7 – إستخراج منظومة القانون الدستوري الإسلامي الخاص بالبلد الإسلامي المحدد، من خلال الجمع والتوليف بين أربعة منظومات:
أ – منظومة القانون الدستوري الإسلامي العام.
ب – خصوصيات الكيان الإداري – السياسي (الدولة) المراد تطبيق الدستور فيها.
ت – أحكام القانون الدولي، وخاصة ما يتعلق بتعريفه للدولة المعترف بها دولياً.
ث – قواعد القانون الدستوري الحديث في جانبيه المفهومي والفني (المادي).
8 – تحويل منظومة القانون الدستوري الإسلامي الخاص بتلك الدولة إلى مواد دستورية مدونة بشكل دستور إسلامي محلي.
والمواد الدستورية المقننة على أساس الفقه السياسي الإسلامي على ثلاثة أنواع:
1 – المواد العامة وبعض المواد التنظيمية ذات الصبغة العامة، والتي تتضمن غايات الدولة الإسلامية وأهدافها وأطرها العامة، وتبدأ من القاعدة الشرعية وتنتهي بصياغة مادة دستورية.
2 – المواد التنظيمية العامة التي تتضمن هيكل النظام السياسي وتوزيع السلطات وطرق انتخابها وتعينيها؛ فهي تبدأ من قاعدة دستورية، ثم يتم الإستدلال عليها من القواعد الشرعية.
3 – المواد التنظيمية التفصيلية (التقنيات) التي لا تتضمن موقفاً شرعياً؛ فهي لا تستند إلى قاعدة شرعية؛ ولكن يشترط فيها أن لاتتعارض مع قاعدة شرعية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* خلاصة كتاب دراسي تحت عنوان “مدخل الى القانون الدستوري الإسلامي” نفسه سيصدر قريباً