وسام رشيد
عندما يكون هدف ساسة البلاد هو الاستحواذ على ملايين الدولارات والاستثمارات، يكون مصيرنا بيد السفراء والمعتمدين من دول الجوار، وعندما يتخلى ساسة الحكومة عن واجبهم تجاه الشعب والعراق، وينشغلون بالمحاصصة، وتقسيم المقاولات، والدرجات الوظيفية الخاصة والعامة، ولعبة تبادل الادوار، وعندها تكون سيادة العراق مبعثرة بين ايران وتركيا، كما يُصرح سفرائهم خارج كل الاعراف الدبلماسية، وتكون مقدرات الشعب الاعتبارية وكيان دولتهم سهلة الاختراق من قبل ضيوف دبلماسيين، فاعلم جيداً ان المسؤولين الحكوميين منشغلين بامور ترفيه عوائلهم وزيجاتهم، وسفراتهم، ومزارعهم، والبعض منهم بلقاحاتهم في دبي وعمّان.
كهول الساسة المتصدرين لا يتابعون منصة التواصل الاجتماعي، ولا يهتمون بمكاتب الرصد والتحليل والمتابعة، التي ينبغي ان تكون حاضرة على مدار الساعة لكشف التطورات والتخرصات والتجاوزات على سيادة البلد من جهة، وكيفية المضي في الحفاظ على كيان الدولة وصورتها الناصعة بين مختلف دول العالم خاصة المجاورة منها.
لقد عانى العراق مراراً ومنذ تأسيس الدولة العراقية من تدخلات دول الحوار وخاصة ايران وتركيا، وصراعهما في مد النفوذ والسيطرة المباشرة على بعض الاراضي الحدودية، وتدخلاتهم السياسية وتبنيهم لمشاريع سياسية داخل العاصمة بغداد، وبعض المحافظات الاخرى، وتأريخ تلك التدخلات مليء بالمشاهد المتباينة، والتي غالبا ما تكون خلاف رغبة القادة في بغداد، وهي بالنتيجة تخرصات مرفوضة شعبياً وحكومياً، وتواجه بشكل حازم وقوي، خصوصاً اذا كانت تنطلق من البعثات الدبلماسية المعتمدة في بغداد.
الاعراف الدبلماسية لا تسمح بالتصريحات المستفزة، او الخادشة لثوابت الدولة، او تلك التي لا تخدم تعزيز العلاقات ضمن اطار احترام متبادل لسيادة البلدين، وحفظ كيانهما السياسي كدولة، الا ان السفيرين الايراني والتركي، بتصريحهما ليلة البارحة حول تواجد القوات التركية في سنجار، وهو من اختصاص الحكومة العراقية، ووزارة الخارجية تحديداً، والتي لا نعلم ان كان وزيرها على دراية بتلك التصريحات بين السفيرين، ام الامر لا يستحق كل هذه الضجة والاستنكار الذي ابتدأت من رئيس السلطة التشريعية محمد الحلبوسي الذي غرد بانفعال وغضب واضحين، وادان اختراق السيادية العراقية وتجاوز الدبلماسيين على مهامهم القانونية وفق العرف السائد، اذا تداول جانب كبير الاوساط الاعلامية هذه التغريدة.
ثم انطلقت حملات واسعة لمدونين وناشطين واعلاميين على منصات التواصل، لتدين باشد العبارات هذا الخرق غير المسؤول لسيادة العراق، ولغاية كتابة هذا المحتوى لم يصدر عبر القنوات الرسمية للحكومة العراقية أي موقف، ولا لوزارة الخارجية المعني الاساس بهذا الشأن الذي لا بد من وضع حد نهائي له، وانتهاز فرصة التأييد الشعبي وإفهام الاخر ان العراق وان لم يمتلك قدرات سياسية حكومية قادرة على حمايته، فإنه يملك شعباً حياً متفاعلاً لا يرتضي بأي هوّان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *