جواد المدني / الدنمارك
منذ بواكير الوعي ، ونحن نقرأ، إن الإبداع بمختلف صنوفه ،  غالبا مايكون ذكوري الهوية ، -أو هكذا أوهمونا – حيث يتربّع عليه الرجل مطمئنا  إلى  عدم المزاحمة والمنافسة ،بينما المرأة لا تشاركه إلاّ بمساحة ضيقة لا تتناسب وحجمها الحقيقي في المجتمع وما تتمتع به من خيال خصب وثقافة فضلا عن  مقدرتها الذاتية التي تجعل منها  أديبة أو فيلسوفة قادرة على التعبير عن ذاتها بأصدق  عبارة.
لذا عندما تبرز بعض الأسماء النسوية-فجأة- كنجوم متلألئة في عالم الثقافة والأدب ننبهر بها، ونبالغ أحيانا في ذلك الانبهار والاحتفاء ، على الرغم من إن المرأة غالباً ما تكون لها مساحة كبيرة في متون الأدب يتناولها الشعراء والأدباء ، إذ تكون حاضرة كبطلة لنتاجهم الأدبي ، فهي المُتغزّلُ بها دائما . وهي التي تعجز اللغة عن وصف  محاسنها الكثيرة بحسب  ما يدبّجه الأدباء  والشعراء  على مرّ العصور .
فضلا عن ما يتناوله الآخرين عن مكانتها ودورها في المجتمع رغم القهر والتمييز الذي تعاني منه، وكنت أتساءل مع نفسي وأنا أقرأ بعض تلك المتون التي أبدع الأديب فيها بوصفه للمرأة كأنثى نادرة مرّة وكإنسانة مخلصة تشارك الرجل تفاصيل هذه الحياة ، ماذا لو إنّ المرأة هي من تتناول هذه التفاصيل عن علاقتها بنصفها الآخر ، وعن التفاصيل الأخرى في هذا العالم .. فمهما اجتهد بعضهم في طمس شخصيتها ، والتعتيم على نشاطها الفكري نفاجئ بأسماء جديدة تلتحق بركب الإبداع ،وغالباً ما تكون جمالية نتاجها من نوع آخر إذ  يتعذّر على الرجل الأديب أن يعيش إحساس المرأة الأديبة نفسه أو بتعبير آخر  إن إبداع المرأة في ميادين الثقافة والأدب له خصوصية لا نجدها عند الرجل بالمستوى نفسه ، وهذا ما لمسته وأنا أقرأ بمتعة غامرة ، وأرتشف ما يطيب لي من “رحيق “إبداع الأديبة الواعدة هدى عبد الحر ، في كتابها الموسوم “رحيق الربيع الأول “وهي تستعرض برشاقة المحترف وتتنقل بين تفاصيل الشخصية ومحطات النص من دون أن يشعر القارئ بالملل الملازم عادة  للقراءات النقدية ، و تتأنق بحذر وهي تشير لبعض النصوص من دون أن تعرّضها لخدش في نقدها الموضوعي ، و حتى أثناء الغوص في أعماق النص ، لالتقاط ما خفي على المتلقي من معاني تبقى هدى ملتزمة  بقواعد التهذيب العالية التي  لا تجعل من النقد هدما  عشوائيا بقد ما هو  تصحيح وتقويم .
هدى عبد الحر  الفتاة النجفية الشابة –مواليد 1993- بحسب رأيي  المتواضع اسم سيحظى   بلمعان متميز في عالم الثقافة العراقية  والعربية بعنوانها  الكبير فيما لو بقيت على هذا النهج المثابر  والجاد   الذي ميز نتاجها الأول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *