بليغ ابو گلل

الإسلام السياسي عاش مدتين، الأولى معارضة صدام وقد ناهزت مدتها أربعة عقود اتسمت في ظاهرها وجوهرها -على اختلاف مشاربهم وخلافاتهم- بالجهاد والتضحية والغربة والشهادة والتهجير والتعذيب وسلب المال والفقر ونزع الهوية وسحق الأهل… إلى آخره، فلا يستطيع أحد أن يصل ما وصلوه في هذا المسار (وأنا لستُ منهم للأسف)، والمدة الثانية هي بعد سقوط نظام البعث المجرم فكان فيهم من أحسن وثبت ومنهم من أساء وغيّر، والتاريخ كفيل بتمييز المحسن من المسيئ.

في زمن الإسلام السياسي أصبح من حق كل عراقي مهما كان مستواه فاهمًا أو جاهلًا أن يكون حرصرًا ويقول رأيه ولا يختلف في اتساع هذه الحرية -لدرجة الفوضى- إلا متعسف بعيد عن الموضوعية.

من أخطأ منهم يتحمّل مسؤوليته أمام الله والعراقيين وعليه ما عليه، ولكن أخطاؤهم لم تصل إلى ذرة مما كان يفعله المجرم صدام، وما محاولة مساواة أو محاكاة من أخطأ منهم بعد 2003 بما كان يفعله صدام إلا متاجرة سياسية دنيئة!

أحزاب الإسلام السياسي تخطئ وغيرها تخطئ أضعاف مضاعفة، وبلا شك هم يتحملون اللوم أكثر من غيرهم لانتمائهم للإسلام ولو من جهة الاسم. والحقيقة إني لم أجد حزبًا إسلاميًا تفككت قيادته واتهمت بالفساد بكل أنواعه كبعض الأحزاب الجديدة والتي تشكّلت بعد تشرين، فما استطاعت هذه الأحزاب أن تصمد لعامين حتى نخرها الفساد واتُهمت بأبشع التهم من مؤسسيها وقياداتها وتوالت انقساماتها من رأسها إلى أخمص قدميها! فتم شراء ذمم من ترأسّها عبر السلطة ومن خدم فيها أو عبر تجار أرادوها غطاءً لفسادهم وبأبخس الأثمان نستحي أن نذكر أقيامها!

إن تجربة ما بعد 2003 تحتاج إلى دراسة موضوعية حقيقية تعزز النجاحات وترصد السلبيات -من دون عقد- لتجاوزها وبناء العراق، وهي مسؤولية كل عراقي غيور على بلده يجد في نفسه القدرة على ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *