كتب : د. مزهر الخفاجي

الطوفان الرافديني كان سفر السومريين الخالد والذي كان الحدث البشري الجلل …وان هذه القصة في متنها السردي الاسطوري والتي وردت في ملحمة قصة الخليقة (اينما اليش) ووردت بعض اخبارها في واحداً من الواح ملحمة گلكامش …هي سر وناموس التحدي الرافديني ، أرادت ان تؤكد عبقرية الانسان العراقي واستجابته للمحن التي واجهها …هو الذي كان بقاءه بمثابة الحبل السري الذي تغذى منه الوجود البشري…والذي طبع خارطة الجين الانساني …فالقصة ، ونقصد قصة (الطوفان)أمن ابطلها (اتونابشتم) (نوح السومري )، العراقي ….إن الطوفان لم يكن إلا غضباً او اختباراً إلهياً …
والأمر الثاني ، ان هذه الالهة لم تترك هذا العراقي الرافديني يواجه حتفه ومصيره وحده ، فعملت ألهة الخصب (إينانا) وألهة الحكمة (أنكي) …على تقديم النصح له …فأرشدتهُ الى بناء (الفُلك) سفينة النجاة ، أي انها لم ترغب في فناء هذا الانسان النقي السومري ، وكأنها عطفت عليه ..
والامر الثالث، ان قصة الطوفان قد اظهرت حجم البلاء أو قل التحدي الذي واجهه الرافديني العراقي ومازال يواجهه ، فما كان عليه إلا ان يبتكر ادوات نجاة كدحاً و تأملاً و صبراً ، وربَ سائل يسأل ماعلاقة بلاء الطوفان ببلاء (كورونا) والجواب لايبدو مصادفة تاريخية او اسطورية نحسب انها دورة التحدي الجديدة التي يواجهها العراقي على طول الدهر ، فما بين الطاعون والجدري والحصبة والسل ، الى البلهارزيا ، ضد هذا الرافديني …مختبراً بشرياً من نوع فريد …
ففي الوقت الذي طأطئت امريكا رأسها وأزاحت (ترامب) وأظلمت مقاهي باريس…ولدغت كورونا (ماكرون) …وهي التي جعلت رئيس وزراء بريطانيا (جونسون)يدعوا الناس ليودعوا احبابهم …وأظلمت شوارع روما وبرلين والبرازيل…وقلت حيلة شوارع مومباي …وغيرها من مدن العالم .
إلا هذا العراقي فقد عاش طوفانه الثاني ، متحير بين بناء بيته وبناء سفينته ،واقصد بين ان يحجر نفسه يتضور جوعاً ، او ان يعمل بحذر …لقد ادركت ان هذا العراقي الباسل يواجه كورونا ، رغم ان مستشفياته لم تكن بحال يسر الصديق ولا حتى العدو … لاكهرباء ولاماء ولا دواء …وتخيلوا معي وارجوا ان لا اكون متجنياً …كان يسرق روحه ليخطف لقمة عيشه … سائق (سايبا) كان او بائع فواكه وخضر ، او رجل أمن يقف في السيطرة …او طبيباً في واحدة من مستشفياتنا البسيطة …كان (نوح العراقي) او (اوتانبشتم) هو قبل خمسة الاف عام كانت عينه بعين الله … وهو سليل مجد العراقي في الشطرة اوالكحلاء او الشامية او حلبجة والفلوجة او الخالص …عينه بعين الله .
نعم سبع لايخاف … وسر نجاة طوفان نوح السومري هو انهُ لم يكن خواف …كان (اخو خيته) محباً للحياة وها هو العراق استنفر شجاعته بقوى مناعته …يقاوم (كورونا) نعم الله/الالهة كلها من اينانا الى انليل معاً …. والانبياء من نوح الى إبراهيم الى محمد وال بيته معاً …فصدورنا مملوءة بالحب والأيمان وحب الله والحياة …ونقول ونحن ندعوا الباري من روازين قلوبنا …ربنا أنا العراقي …لا أسألك رد القضاء ولكن اسألك أللطف فيه …ونحن فقرائك المخذولين في الطوفان والكورونا نستحق الحياة …ولا نتوسلها …لقد فرفحتنا الدهور ولن نيأس من رحمتك ابدا…أجرنا يالله .
مدد…مدد..مدد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *