د.احمد الميالي
عقد البرلمان العراقي يوم السبت ٥ / ٩ / ٢٠٢٠ اولى جلساته من الفصل التشريعي الاول ، للسنة التشريعية الثالثة من الدورة الانتخابية الرابعة ، واستئنف البرلمان اعماله باربع جلسات خلال ستة ايام *برئاسة محمد الحلبوسي *، ومن النادر انعقاد هذا لعدد من جلسات في ستة ايام خلال عمل البرلمان طيلة الدورات السابقة ، مما يضع هذه المؤسسة على مستوى المسؤولية لاستيعاب التحديات والشروع بالاستجابة للمطالب الشعبية، ويحجم المزايدات السياسية لبعض الاطراف التي اتهمت رئاسة البرلمان بتعطيل عمل البرلمان ، والمفارقة : ان البرلمان لم يكن معطل انما في عطلة تشريعية وبعد نهاية تلك العطلة واستئناف اعماله لم يكن النصاب بالمستوى المناسب مع مطالبات انعقاده فكانت اول جلسة بحضور ١٦٩ نائب في حين لم يحضر ١٦٠ نائب. فاتجهت رئاسة البرلمان الى نشر اسماء الحاضرين في الجلسة الرابعة،
لاطلاع الشعب العراقي على فعلية ممثليهم .
مع ذلك كانت هذه الجلسات بمثابة انطلاقة ضرورية ومهمة لمواجهة التحديات والنظر في الاستحقاقات والمطالب الشعبية ، سواء على صعيد حسم جدل قانون الانتخابات من قبل رئيس البرلمان حول عدم امكانية تعديله او الغاءه الا بعد استكمال ملاحقه او نشره، او من خلال قراءة تعديل قانون المحكمة الاتحادية قراءة اولى ، بما يعزز مصداقية الرئاسة واعضاء المجلس في المضي قدما بتبكير الانتخابات النيابية مع ضرورة توفير مستلزماتها ، يضاف الى ذلك تفعيل البعد الرقابي للمجلس اذ **فعل رئيس البرلمان **هذا الجانب ووجه باستضافة وزيري المالية والتخطيط لتوجيه اسئلة شفهية حول ورقة الاصلاح المالي والاقتصادي المفترض تقديمها من الحكومة تزامناً مع قانون الاقتراض المحلي والخارجي وتوجه الحكومة لتقديم مشروعي قانون الموازنة المالية للعام الحالي والقادم، والتزم الوزيريّن المذكورين بذلك وشهدت الجلسة مناقشات واستيضاحات تصب في صلب العمل الرقابي للبرلمان. فضلا عن ذلك نوقشت عدة مشاريع للقوانين ومناقشات العامة شهدتها تلك الجلسات.
هذا النهج يعد استكمالا لتوجه البرلمان بالاستجابة والتفاعل مع مقتضيات الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها العراق منذ عام ٢٠١٨.
يتطلب الان من اعضاء مجلس النواب *اسناد رئيس البرلمان* في استكمال الاستجابة لمجمل التحديات والمطالب والاستحقاقات التي تصب في صالح المواطن العراقي وتعزز استقرار البلد، والتحول من سياق الخصومة والتصعيد والمزايدة الى سياق التعاون والالتزام بوضع المواطن في نصب اعين اعضاء المجلس، دون النظر الى المقتضيات الحزبية والفئوية والشخصية والمصالح الخاصة في هذا الظرف الصعب والمعقد الذي يحتاج الى تعاون وتكاتف الجميع.
اذ لايمكن ان تنجز الاصلاحات والشروع في احلال سياسات بناءة من دون فعالية ومصداقية السلطة التشريعية لان النظام السياسي لايمكن ان يتعافى الا اذا تعافت هذه المؤسسة، التي تعد السلطة الحقيقية الحاكمة للدولة، وتنبثق منها جميع المؤسسات الاخرى، فقياس مستوى فعالية المؤسسات الاخرى ينطلق من فعالية البرلمان في الرقابة والمحاسبة والتشريع ومتابعة تطبيق قوانينه ومدى شفافيته ومصداقيته.
خلال الفترة الاخيرة التي مارس البرلمان فيها دوره الرقابي والتشريعي وفقا للظروف والتحديات والازمات الماثلة امام البلد، يمكن القول ان هنالك جدية وفاعلية ايجابية في عمل البرلمان تضع بصيص امل في استعادة الثقة بين السياسة والمجتمع ، خاصة فيما لو تحققت الارادة السياسية في ترسيخ هذه الفاعلية لانجاز الاصلاحات المطلوبة وتلبية مطالب العراقيين العاجلة.