عبد الحميد الصائح

 

عبد الحميد الصائح

رغم أن الانتخابات العراقية المقبلة والإعتداءات التركية وجائحة كورونا وملف الطاقة ستكون المتوقع الأبرز في جدول زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى الولايات المتحدة الأمريكية ،الا أن بعض الكتل السياسية العراقية يعول على أن تلبي الزيارة رغبتها في فرض مطالبها على ادارة الرئيس ترامب ونقل وجهات نظرها لدى لقاء الرجلين ، وقد أوصت الكاظمي بان يكون إخراج القوات الأمريكية من العراق الطلب الأول الذي يجب أن يتصدر المباحثات ، نقلا عن السيد حسن الكعبي النائب الاول لرئيس مجلس النواب في مقابلة تلفزونية يوم الاحد، حيث أكد ان ممثلي الكتل البرلمانية اجتمعوا بالكاظمي وابلغوه ذلك ، مضيفا ان هذا الطلب مدعوم بتصويت برلماني وضغط شعبي لجلاء الأمريكان من العراق ، الكاظمي بالطبع لم يناقش الأمر طويلا وكان مستجيبا على حد قول الكعبي، لكنه يعرف جيدا ان الزيارة العراقية للولايات المتحدة الامريكية هي زيارة استماع اكثر منها زيارة مطالب، لان المطالب بحاجة الى قوة او مقابل والعراق اليوم لايملك ذلك ، وهو ما تلمح له الكتل المعارضة لاخراج الامريكان مع الاشارة الى ان كلمة إجماع برلماني غير دقيقة في هذا الموضع تذكيرا بما ماتم في جلسة مجلس النواب الاستثنائية في 5 يناير/ كانون الثاني 2020. وبحضور رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي للتصويت على اخراج القوات الامريكية حضرتها كتل شيعية وقاطعتها قوى شيعية اخرى منها كتلة النصر وقوى كردية وسنية ، وقد شهدت الجلسة حديثين بارزين الأول للنائب أحمد الجربا الذي حيا موقف المرجعية والحشد الشعبي في تحرير المدن المغتصبة من داعش، لكنه طالب في الوقت نفسه بضمانات من الحكومة والقوات الامنية بعد خروج الامريكان النهائي معبرا عن خشيته وخشية الطيف الذي يمثله من عودة داعش في أية لحظة أو ما اسماه بتدخل ايراني في الشان العراقي . لكن الاهم في ذلك اليوم كان الحديث الخاص الذي تسرب للإعلام من قبل السيد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الذي أشار الى دعمه قرار اخراج القوات وتعهد بالتصويت لصالح توصية الحكومة بتنفيذه ، لكنه شرح الموقف سياسيا واقتصاديا امام الجميع بصراحة، بان هناك اتفاقات ثنائية بين الطرفين على الحكومة مراعاتها وحلها قانونيا، بالاضافة الى تبعات مالية وجدولة ديون وتفاصيل كثيرة لابد من وضعها بالاعتبار في حال الطلب الرسمي من الامريكان الانسحاب النهائي من العراق .
لايوجد شعب في العالم يقبل بوجود قوات أجنبية على أرضه ،لكن المشاكل السياسية والامنية التي شهدها العراق مازالت تمثل العائق الاكبر لسيادة البلاد الكاملة . ذات الطبقة السياسية هي التي جلبت الامريكان ، وبعد ان خرجوا اسنجدت بهم عن طريق الامم المتحدة لتعود على راس تحالف دولي لاخراج داعش ،واليوم تطالب برحيلهم ، والعراق لايملك القوة المباشرة ولايمكن الاعتماد على جهود متفرقة لاخراجهم دون اكتراث للنتائج .
هذا الملف المشتبك هو ما يملأ حقيبة الكاظمي ورأسه وهو يحل ضيفا على الولايات المتحدة، محملا بالمستحيلات في ظل توازن تريد امريكا فرضه في المنطقة وايران أبرز أطرافه ، ولعل الرئيس ترامب يعرف جيدا حجم العناد الايراني ما لم يره من دول عربية أو دول اخرى في المنطقة ، وعلى وفق التاجر الذي لايحارب الاقوياء بل يدخل شراكة معهم ،من المرجح ان يتم التوصل الى حل الازمة بين ادارة ترامب وايران بما يعزز من أسهمه في الانتخابات المقبلة . لكن العراقيين جميعا سواء الدائرين في فلك ايران أو معارضي سياستها في العراق لايعرفون مالذي يدور الان بين الولايات المتحدة وايران من حوار تحديداً . وكيف تتم مناقشة وضع العراق بين الجانبين . ايران وامريكا بالطبع يفضلان مصالحهما تماما على اي مصلحة ثانوية ومنها العراق باستثناء كونه ورقة تفاوض ثمينة، نتائج ذلك وايقاع الانتخابات الامريكية المقبلة هو مايحدد الاسلوب الذي تتخذه اميركا في جدولة بقاء او انسحاب قواتها من العراق لازيارة الكاظمي ولاشيء غيرها .
مع ذلك فان ترامب يدرك الضغوط التي يتعرض لها الكاظمي والاحراج الذي هو فيه ، وسيقوم كما قام سابقا بحركة رمزية معتادة كهدية يحملها عند عودته كالتالي : (الطلب من الكاظمي حل الميلشيات العراقية الموالية لايران ، الكاظمي يرفض ذلك ويبرره بان هذه التي تسميها ميلشيات ياسيادة الرئيس انما هي قوات نظامية تحت ادارتي وماتقوله تدخل في شان داخلي) ،وهو بالضبط مافعله مع حيدر العبادي عند زيارته الولايات المتحدة حين طلب منه ذلك ورفض ليكون محط احتفاء الكتل السياسية الشيعية لدى عودته من زيارته ( الناجحة) للولايات المتحدة . حسم هذا الملف بهذه الطريقة سيوفر الفرصة لاحقا لانجاز بقية جدول الزيارة المفترض المتعلق بتعاون ثنائي في مجال الطاقة ودعم العراق لمواجهة وباء كورونا وتقييم الاعتداءات والاختراقات التركية للاراضي العراقية ، وهي في كل الاحوال طلبات من طرف واحد ولاشي من ذلك دون مقابل .

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *