كتب علاء الخطيب

وجود معتدلين في السلطة مكسب كبير وفرصة مهمة لبناء الوطن و وأد الفتن.
قد لا نقدر قيمة الاعتدال في زمن الرخاء ، ولكن علينا ان نتذكر دائماً ما يفعله التطرف بالانسان والوطن .
البناء يحتاج الى عقول نظيفة ونوايا صادقة وخطوات واثقة وواعية .
لقد تخلصنا من حقبة التطرف ، ولم تعد الوجوه والقيادات الملوثة قادرة على الظهور في مسرح الاحداث ، وقد بدأت حقبة جديدة تتسم بالاعتدال وتحمل نية استرجاع الهوية الوطنية، ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا بوجود زعامات سليمة وصحية .
وبلا شك ان الانتقال من مربع الطائفية الى مريع الوطن خطوة كبيرة وشجاعة ، وهو فعل تاريخي يحسب لفاعله، وحين يقدم الزعيم على كسر حاجز الطائفية في فعل حقيقي ، هنا يضع الجميع في مأزق ، ويسن سنة جديدة في المعادلة السياسية، وهي تغيير قواعد اللعبة القديمة.
ما يقوم به رئيس مجلس النواب في لعبة التغيير الناعم في تحطيم جدار الطائفية بالوضوح دون مواجهة الخصوم بالمكائد أو بالمهاترات الاعلامية فعل ينم عن ذكاء، وحينما يعلن انه لا يمثل مكون معين في مجلس النواب ، بل العراق كله ، وهو يتحدث بلسانٍ عراقيٍ مبين ، يجعل خصومه بين خيارين أحلاهما مر ، إما ان يجاهروا بطائفيتهم وهم يعلمون ان زمنها ولى ولفظها العراقيون ، أو يصمتون وينسحبون من المشهد ، وهذه هزيمة لا يتقبلوها ، لكنهم سيجبرون على قبولها .
ربما سيضعون العصي في دواليب المشروع وسيحاولون عرقلة التقدم ولكنهم واثقون بانهم خاسرون ، وما هي إلا محاولات يائسة ، قد تمنحهم بعض الوقت للبقاء في السلطة ولكن السنن التاريخية تقول ان لكل زمان دولة ورجال .
لم يطرح السيد الحلبوسي رؤيته السياسية على اساس احراج خصومه او الانتصار عليهم او ازاحتهم من المسرح السياسي ، ولم يفكر بالطريقة القديمة في الصراع السياسي ، بل يصنع قواعد اشتباك جديدة على قاعدة الفيلسوف الالماني نيتشه البقاء للاصلح والاجدر.
السيد الحلبوسي يطرح مشروعاً وطنياً بعيداً عن الخصومة ، مشروعاً يعتمد على الجانب الخيِّر في نفوس العراقيين .
دون النظر الى الطائفة او القومية . مشروعاً يؤمن بالعراق وبالهوية العراقية على اساس العطاء.
فالاعتدال هو الركيزة الاساسية في المشروع ، ليس مصطنعاً او مرحلياً بل هو أُس الفكرة في نقطة الشروع الجديدة.
حينما عنونت المقال بموسم الهجرة الى الاعتدال، كنت اعني ان نهاية مواسم الكراهية والطائفية والشعوبية قد بدأت .
وسنراهن على وعي العراقيين في نبذ العنف والكراهية ، لان المشروع الوطني يولد من رحم الاحرار والثوار ويترعرع في احضان الاصحاء ، فالمرضى غير مؤهلين لمثل هذا المشروع ، فالتقدم يحتاج الى خطوات الى الامام ولا مجال للرجوع الى الخلف . ومن يتهيب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر
فقد بدأ موسم الهجرة الى الاعتدال .

By Miimo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *