بقلم : علاء الخطيب
جملة تعني الوطن فالصناعة الوطنية التي تعكس الهوية الوطنية ،وليست مجرد علامة تجارية او جملة تكتب تشير الى بلد المنشأ فحسب ،بل تعتبتر مصدر فخر للشعوب و إنعكاس حقيقي للتنافس الخلاق بين الدول، كما انها دليل على رقي الدول والمجتمع في ان واحد ، لذا تحرص الكثير من الدول على القيام بخطوات لدعم المنتج الوطني، ور
بما تشتهر الدول، وتحظى بمكانة في المجتمع العالمي من خلال شركة أو منتج معين او علامة تجارية ، فيشار الى البلد من خلال هذه العلامة ، فعلى سبيل المثال تشتهر هولندا. بشركة فيليبس وهي شركة للمنتجات الالكترونية والكهربائية ،فهذه الشركة علامة مميزة يفخر بها الهولنديون ولهم ثقة كاملة بمنتجاتها وهي أغلى من جميع البضائع المماثلة لها في هولندا ، فحينما يقتني الهولنديون منتجات فيليبس يعتبرون ذلك دعما وحرصا وطنيا وتباهيا ً بوطنهم ، فالوطنية عندهم ليست شعارات فضفاضة بل ممارسة عملية ، واليابان تعرَّفت عليها شعوب العالم من خلال جملة صنع في اليابان فحينما نرى سوني او توشيبا أو تويوتا لا شعوريا ننتقل لليابان ، وهكذا صنع في الصين أوكوريا أو ألمانيا وبقية دول العالم هذه الجملة السحرية لها وقعها العاطفي ، لذا عندما نرى جملة صنع في …. يتبادر لنا الدول المصنعة وهي بمثابة دعاية ترويجية لها، وانعكاس لتطورها ، كنا نرى سابقا جملة مكتوبة خلف منتوجاتنا الوطنية ( صنع في العراق) توحي ان هناك مجتمع منتج وخلاق ، وليس مجتمعا استهلاكيا ً فقط ، يعتمد على الآخرين ، مجتمع يحاول ان يصنع الحياة بخصوصية وطنية ، ليكرس الذاكرة العراقية لدى الاجيال ، فجميعنا يتذكر علامة الراعي ( السمن النباتي) ، أو سجائر غازي او بغداد فتاح باشا أو معجون الأسنان آدم او إطارات الديوانية. أوسمنت الكوفة وكثير من هذه العلامات التجارية الوطنية التي أرشفت حقبة زمنية في الذاكرة العراقية ، وأعطتنا زخما وطنيا لا شعوريا ، ولكن للأسف اليوم وفي ظل تدهور الصناعة في العراق وتراجع التنمية الصناعية فقد غابت هذه الجملة التي اشتقنا لها جميعا ، فصنع في العراق لها جاذبيتها الروحية و سحرها الوطني الذي يشكل الذاكرة الوطنية بمرور الزمن ،وأتمنى ان أشاهدها في الاسواق فهي دليل عافية وحضارة ، ودليل تفاعل إنساني مع المجتمعات الاخرى, كما انها مساهمة فعالة في الخلق الحضاري والمدني . لقد قلبت الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر موازين الدنيا وغيرت مسير التاريخ عندها انبثقت كلمة صنع في ….. وراحت الدول تتسابق على كتابتها فوق ما تنتج وتبدع، فهذه الجملة ولَّدت الحس الوطني لدى الكثير من شعوب كرتنا الارضيّة ، واليوم نحن بأمس الحاجة لها كي نستعيد تواصلنا الإنساني من خلال عودة عجلة الصناعة العراقية للدوران وان تعود المصانع ترسم الملامح الوطنية كباقي مجالات الحياة .