مشتاق الربيعي
يجب علينا البحث عن مخرجٍ ينقذ العراق مما هو فيه الآن، حيث تبدو جميع الحلول قد استنفدت، وأصبحنا في حاجةٍ ماسة إلى تدخل من السماء. إن آفة الفساد تعصف بكافة مفاصل الدولة، والإجراءات التي وُضعت لمكافحته أصبحت غير مجدية، لأنها في الحقيقة خجولة للغاية.
فيما سجل العراق 26 نقطة من أصل 100 في فهرس تصورات الفساد لعام 2024 الذي أعلنته منظمة الشفافية الدولية، بلغ مؤشر الفساد في العراق متوسط 18.86 نقطة منذ عام 2003 حتى عام 2024، مع أعلى مستوى له على الإطلاق الذي بلغ 26.00 نقطة في عام 2024، بينما سجل أدنى مستوى تاريخي له بلغ 13.00 نقطة في عام 2008.
ينبغي اتخاذ إجراءات صارمة ضد كافة الفاسدين والمفسدين الذين أصبحوا، بين ليلة وضحاها، من أغنياء العالم. وليس هذا فقط في العراق، كما ذكر السيد وزير المالية الأسبق د. عبد الأمير علاوي، حيث صرح للإعلام بأن العراق يحتوي الآن على ثلاثين مليارديرًا ظهروا بعد عام 2003.
من هنا، يجب فتح كافة الملفات وتطبيق قانون “من أين لك هذا؟” بغض النظر عن الأسماء والعناوين، لأن القانون فوق الجميع، والقاعدة القانونية هي قاعدة عامة ومجردة. وما حصل في ما يُعرف بـ “سرقة القرن” أمرٌ مثيرٌ للسخرية، إذ يخرج اللصوص عبر المحطات الفضائية ليتحدثوا بكل حرية، كما يتجولون في مدن العالم المختلفة.
والطريف في الموضوع أن الأموال التي سُرقت لم تُعاد بشكل كامل وصحيح، ولا نعلم أين ذهبت. أما دور الجهات المعنية وذات العلاقة بهذا الموضوع، فغائبٌ تمامًا.
لقد أصبحت السرقة في العراق أمرًا طبيعيًا للغاية، لعدم وجود دور رقابي صارم من قبل الجهات المعنية مع حيتان الفساد، في حين يُطبق القانون فقط على المواطن البسيط. فهل هذه عدالة؟ بكل تأكيد لا.
وإذا هرب هؤلاء الفاسدون من عدالة الأرض، فلن يهربوا من عدالة السماء أبدًا. وكم من مثل هذه السرقات حدثت؟ هذا ما تم الكشف عنه إعلاميًا، وما خفي كان أعظم.
ونهيب بالقضاء العراقي الموقر أن لا يسمح بشمول هؤلاء المفسدين بقرارات العفو، كما حصل مؤخرًا، وأن يتم منع إطلاق سراحهم بكفالة تحت ذريعة إعادة الأموال. بل العكس هو الصحيح، وهذا ما نطمح له من مجلس القضاء الموقر