حسين فوزي
حرص وزير خارجية الولايات المتحدة بلينكن على وصف عملية 7 أكتوبر بانها حرب دينية عندما هرع إلى تل ابيب ليؤكد دعم واشنطن لإسرائيل وهو يرتدي درعاً واقياً من الرصاص.
وجاء تصريحه هذا وبقية تصريحات عدد من المسؤولين الغربيين ضمن محاولة لتوظيف كون منفذ العملية هو فصيل إسلامي ضمن قوى حركة التحرير الفلسطينية، بقصد التعتيم على البعد التحرري المشروع للعملية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المعترف بها وفق كل القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة.
إن كل ما طرحه مستر بلينكن وبقية القادة الغربيين الحريصين على قلعتهم الامامية في المنطقة، هدفوا إلى محاولة تعبئة الراي العام الغربي وراء مشروع التوسع الصهيوني وحكومة تل ابيب العنصرية المتطرفة بقيادة نتن ياهو.
لكن هذ المخطط لم يدم طويلاً، برغم كل محاولات افتعال توصيفات تلصق بمنفذي عملية 7 أكتوبر، لأن عدداً من النساء والشيوخ الإسرائيليين الذين اطلق سراحهم بعد تنفيذ العملية، تحدثوا عن المعاملة الإنسانية والحرص على سلامة المدنيين، بل وهناك مؤشرات عن التزام المهاجمين الفلسطينيين بالمعايير الدولية في التعامل مع الأسرى من الجنود الإسرائيليين.
بالمقابل فأن الإعلاميين الغربيين الموالين لتل ابيب لم يستطيعوا التعتيم طويلاً على المذابح الجمعية التي تنفذها القوات الإسرائيلية بالمدفعية والطيران في استهداف الأحياء الفلسطينية كاملة في غزة، بكل ما توثق من قتل للأطفال والنساء وبقية المدنيين.
إن الحقائق تبين أن عملية 7 أكتوبر هي:
1. ليست عملية بهدف ديني إنما هي عملية مقاومة فلسطينية للاحتلال وعجرفة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة برئاسة نتن ياهو.
2. إن منفذي الهجمة حرصوا بقدر ما تسمح ظروف الهجوم القتالي على مراعاة سلامة المدنيين بل وحتى الأسرى من الجنود وحسن معاملتهم.
3. إن كل طروحات قيادة المهاجمين وممارساتهم كانت تعبر عن مطلب وحيد رئيس وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وفق ما نصت عليه الشرعية الدولية عام 1947.
4. بالمقابل فأن منطق مستر بلينكن وبقية الغربيين يروج لـ”حق إسرائيل في الدفاع عن سلامتها”، وهو حق مزعوم كون إسرائيل محتلة لوطن الشعب الفلسطيني، بالتالي فهي المهددة لسلامة شعب، والعمليات المسلحة هي وسيلة من وسائل النضال من اجل استعادة الوطن المحتل.
5. إن الشعب الفلسطيني اختار في فترة سابقة، بالأخص بعد اتفاقات أوسلو التخلي عن حمل السلاح، والسعي إلى حل سلمي على أساس الدولتين، لكن التطرف الصهيوني العنصري لنتن ياهو وبقية حكومته الذي فاق تطرف شامير، اجبر أطراف فلسطينية عديدة إلى العودة للسلاح،
6. حكومة تل ابيب الحالية وكل من يؤيدها هم من يهددون السلم والاستقرار في المنطقة، ويصعدون حدة الصراع بشكل خاص بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي، وبشكل الحق الضرر بمكانة كل من يدعو لحل سلمي، في ظل نهج صهيوني عنصري متطرف يريد تذويب الحقوق المشروعة لشعب فلسطين.
هكذا يا سيادة مستر بلينكن، القتال الفلسطيني ليس حرباً دينية، وإن كانت يهوديتك تعني المزيد من الحرص على إسرائيل، فمن باب أولى ان تمارس واشنطن الضغط على نتن ياهو للقبول بحل الدولتين وتنفيذه، أو تنحية هذا التحالف العنصري المتطرف، الذي وصل به الأمر حد وصف المقاتلين بـ “الحيوانات البشرية”، متجاهلاً حقيقة أن هؤلاء مقاتلين من اجل الاستقلال والحرية، وليس انتقاصاً من مكانتهم ان يكونوا مسلمين، وهم مؤهلون عملياً ونفسياً لمواصلة التضحية لأشرف واعدل قضية فلسطين المستقلة.
ترى هل تعي واشنطن وحلفاؤها مسؤوليتهم الأدبية في العودة للشرعية الدولية؟
هل يدركون أن مواصلة عجرفة حكومة نتن ياهو تقود المنطقة إلى منزلق خطير من عدم الاستقرار يهدد مصالحها وسلامة حلفائها؟