أ .د.جاسم يونس الحريري

   بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولي

ضمن نظريات العلاقات الدولية، تُعَرَّف ((نظرية اللعبة)) علىأنها ((المنهج الذي يقوم بدراسة صناعة واتخاذ القرار ضمنالعلاقات الدولية في المواقف التي يغلب عليها صفة الصراعأو التعاون))، وتنقسم النظرية على أساس النتائج النهائيةإلى نموذجين، الأول هو(( اللعبة الصفرية))، ومفادها((أنالمكاسب التي يحققها الطرف ((أ)) تمثل الخسائر التييفقدها أو يتكبدها الطرف ((ب))، أي الربح المطلق أو شبهالمطلق للطرف ((أ)) والخسارة المطلقة أو شبه المطلقة للطرف((ب)).أما النموذج الثاني لنظرية اللعبة فهو(( اللعبة غيرالصفرية)) حيث تكون ((الخيارات المطروحة أمام الطرفين((أ)) و ((ب)) هي أن ((لا يُكَبِّد أحدهما الآخر خسائرمطلقة وأن لا يتوقع أحد الأطراف أقصى درجاتالمكاسب.إذاً، فالتمييز بين اللعبة الصفرية وغير الصفرية لايعتمد على ما إذا كانت نتيجة اللعبة هي بقاء طرف أو زوالالطرف الآخر، ولكن التمييز يكون على أساس الفوز الشاملأو الجزئي بتحقيق الأهداف الموضوعة من خلال طرفيالنزاع)).إلا أن ذلك يبقى ضمن الإطار النظري في منطقةالشرق الأوسطعلى الأقل، وخصوصاً في إطار الصراعالعربيالإسرائيلي، حيث ترى(( إسرائيل)) أن((معركتهامع العرب هي معركة وجود.ولا أدل على ترتيب إسرائيللأوراق لعبها على أساس صفري خصوصاً تجاه العرب، منسعيها المستمر لتطوير وحيازة السلاح النووي منذ احتلالهالأرض فلسطين، بل تعمل على ضمان عدم امتلاك أي منالدول الإقليمية لهذه التكنولوجيا حتى للأغراض السلمية فيبعض الحالات)). واليوم أصبحت فيه إدارة بايدن تتحدثعلنا بشكل متزايد عن سعيها للتوصل إلى اتفاق أمني معالمملكة العربية السعودية يتضمن اتفاق تطبيع مع((إسرائيل))، حيث من المتوقع أن تضطر الاخيرة إلى تقديمتنازلات للفلسطينيين كجزء من الاتفاق، وفق ما ذكرتصحيفة ((جيروزاليم بوست)).ومثل هذا الاتفاق، سيأتيعلى رأس اتفاقيات إبراهيم لعام 2020 المدعومة من الولاياتالمتحدة، والتي وافقت فيها ((إسرائيل)) على تعليق ((ضممستوطنات الضفة الغربية مقابل صفقات التطبيع مع 4 دولعربية، الإمارات والبحرين والمغرب والسودان))، حسب((جيروزاليم بوست)). وتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي،((بنيامين نتنياهو))، عن توسيع ((اتفاقيات إبراهام والسلاممع السعودية))، قائلا((نحن نعمل سوية مع أصدقائناالأمريكيين لتوسيع دائرة السلام بصورة تغير وجه إسرائيلووجه الشرق الأوسط والعالم. وبشكل كبير. نحن نسعىللسلام مع المملكة العربية السعودية، وهو ما سيمهد الطريقلتحويل المنطقة برمتها إلى ممر ضخم للبنية التحتيةالحيوية. إسرائيل ستصبح بداية الجسر للعالم، هذا تغييرعظيم، سيشعر بهذا كل واحد منكم)).

تحليل وأستنتاج:-

—————-

1.تلعب((اسرائيل))والسعودية ((لعبة صفرية)) لكن خارج سياقات ((اللعبة الصفرية)) في مجال العلاقات الدولية المتعارف عليها ضمن ((نظريات العلاقات الدولية)) لها مواصفات خاصة بها حيث تحاول السعودية أستغلال القضية الفلسطينية لصالح رفع مكانتها الاقليمية و الدولية وطرح قضية  التطبيع وكأنها ((الوكيل الشرعي للشعب الفلسطيني))!!! بينما يعرف الداني والقاصي أن صانع القرار السعودي وظف القضية الفلسطينية للتقرب من ((اسرائيل))وهي خطة ذكية على ماأعتقد لتخفيف أي معارضة داخلية شعبية سعودية ضد التطبيع مع دولة الاحتلال.

2.تدرك بعض النخب السعودية أن خيار ((المقاومة الفلسطينية)) قد يسقط ((النظرية الصفرية)) بين ((اسرائيل))والعرب عموما والسعودية خصوصا حيث يمكن يخسر الاثنان نفس الخسارة خصوصا حيث تقول في ذلك الكاتبة السعودية((بشرى فيصل السباعي ))كاتبة في صحيفة ((عكاظ))السعودية((والمحللون الاستراتيجيونالصهاينة والغربيين يقولون باستمرار بأن العلاقة بين العربوإسرائيل محكومة بأن تكون ((لعبة صفرية المحصلة)) بحكمطبيعة إسرائيل الاستيطانية، أي مكاسب الصهاينة هيبالضرورة خسائر العرب والعكس صحيح، وما يحدث بينإسرائيل وبين جماعات المقاومة هو ما يسمى باستراتيجية(( Tit for tat ))أى ما ترجمته مبدأ ((العين بالعين)) وهيأنجح استراتيجيات ((نظرية اللعبة)) أي أنه يقابل كل فعلمن أحد أطراف اللعبة رد فعل من جنسه متفاعل معه منالطرف الآخر، فيتوصل الطرفان لـ((توازن ناش))،((نسبةللعالم ناش الحائز على جائزة نوبل عنها)) أما الخسارةفتحصل للطرف الذي لا يتخذ خيارات فعالة ترد على أفعالالطرف الآخر وتوازنها، أي كما حصل في الضربةالإسرائيلية لغزة2008-2009، حين لم يقم الموقف العربيبتفاعل نوعي رادع متجاوب مع هذا الجرم الإسرائيلي، ومنقبله كان تضييع نتائج الانتفاضة الثانية التي كانت تكلفتهاآلاف الضحايا الفلسطينيين واستمرت لسنوات وتم فيهاحصار الضفة الغربية وتدميرها وحصار عرفات وتدميرالمقار الأمنية للسلطة وحصار وتدمير جنين-2002- ولميتجاوب معها العرب بأي ردة فعل رادعة لإسرائيل، ولهذاتكرار ذات النمط بالعدوان على لبنان وغزة، وهذه مشكلةالعرب؛ أنهم يلعبون في الفراغ بدون محددات جوهريةومبدئية متفاعلة مع الحدث، ولهذا إسرائيل لا تتجاوب معهم،فحسب ((نظرية اللعبة)) ليتجاوب الطرف الآخر يجب أنيكون هناك محفز له للتجاوب متمثل إما في خسارة يريدتجنبها أو مكسب يطمح إليه، وليس في المبادرات العربيةحافز لإسرائيل للتجاوب معها فالتطبيع حاصل ولديها ماتحتاجه وأكثر من الاعتراف الدولي الذي جعلها فوق القانونكما ولو أنها البقرة المقدسة التي لا تُمس مهما ارتكبت منفظائع وجرائم، ومجال السياسة ليس فيه شيء بالمجان،وعدم نبذ خيار المقاومة والمقاطعة وتبني الملاحقة القضائيةلمجرمي الحرب الإسرائيليين واستثمار حالة التعاطفالعالمي مع الفلسطينيين وتكريسها عبر إنتاجات سينمائيةهو جزء من اللعبة مع إسرائيل التي يفترض أن تكون((العين بالعين)) حاليا ولعبة صفرية على المدى البعيد، أمامن عليه من العرب المبادرة لأخذ مواقف رادعة تهذب المعتديليتشجع بها الآخرون ويصبح لدى العرب زخم استراتيجي؛ففي ((اللعبة الصفرية)) ما يسمى ((معضلة السجينThe Prisoner Dilemma)) وتقول إنه عندما تتخذ الأطرافالمعنية قرارات تراعي فقط مصالحها الفردية فسيكون الكلخاسرا)).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *