حسين فوزي
من يعرف تفاصيل الوضع في محافظة كركوك يدرك جيداً ان القضية المؤججة للتصعيد الراهن ليس سببها قضية مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني، إنما هي قضية شرعية كل ما يدور في كركوك، وهو الموضوع الذي سيكون ولو بعد حين سبباً في تصعيد يشمل مناطق اخرى.
1. الجانب المباشر للأزمة هو مقر الحزب، وهو موضوع يثير مجموعة أسئلة في مقدمتها هل ان الأخوة في الحزب الديمقراطي الكردستاني مستأجرين لأرض المقر والمباني القائمة عليه؟ ولماذا هذا المقر الفخم في محافظة ليس للديمقراطي سوى نائبين؟
2. إن حجم مقر الحزب وطبيعة الاجراءات التي مورست فيه، حتى وإن كانت محدودة وحالات منفردة، تبين أن تركمان كركوك وعربه يعدون هذا المقر رمزاً لسلطة تريد فرض واقع معين على المحافظة يتجاوز ما نصت عليه المادة 140، بشأن التطبيع والتعويض والأحصاء والتصويت. والدليل على هذا ما تعرض له كثر من العرب والتركمان، وطبيعة التجاوز الصارخ للسلطة الاتحادية الذي مارسه المحافظ الهارب نجم الدين كريم الذي رفع علم كردستان على مباني الدولة منتهكاً الدستور والقانون، موظفاً ظرف الهجمة الداعشية وانشغال العراق في مواجهتها، في محاولة منه لفرض الأمر الواقع على الدولة العراقية.
3. إن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي وجد فيه كرد كركوك وبقية المواطنين ملامح الاعتدال والتعايش بعدم قسر المواطنين على الضم إلى الإقليم، تورط في الانجرار وراء الاستفتاء غير الشرعي الذي قاده الزعيم الكردستاني الرئيس السابق للإقليم السيد مسعود برزاني، وهو ما عقد الموقف في المحافظة، ولولا تعقل السيد لاهور شيخ جنكي في معالجة ملف كركوك لكانت هناك مذبحة، على ما يبدو البعض أرادها للتضحية بملاكات الاتحاد الوطني وتحميله مسؤولية عدم الدفاع عن كركوك لتقليص رصيده في الإقليم، ضمن تلميحات بـ “الخيانة”.
4. إن الخلافات السائدة في بغداد، وعدم استرجاع الجيش العراقي لكامل قدراته التسليحية وملاكاته لجيش مرشق لحد الآن، سيظل من عوامل محاولة بعض الأوساط الكردستانية التمدد على حساب بعض المناطق التي نصت عليها المادة 140، وهي الحالة التي تصدى لها بهدوء د. حيدر العبادي ودرجة عالية للجيش العراقي من ضبط النفس، وهي الحالة التي طمأنت بقية المواطنين في تلك المناطق، ضمنها كركوك، لكن السيد عادل عبد المهدي وحالياً تحالف إدارة الدولة جعلا أربيل تستحوذ على جزء من الثروة النفطية ومناطق معينة، وهي حالة لن تعالج بإجراءات أمنية للمتصدين لاسترجاع مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني، إنما مبادرة سياسية تؤكد ترسيخ سلطة ترتكز لإرادة أطيف مجتمع كركوك كلها.
إن غالبية العرب الواعين لا ينكرون على الكرد حقهم في إقليم لكن التحفظ هو أن يكون الإقليم دولة داخل دولة، بل وأكثر من الدولة الاتحادية في ممارسة الكثير من السلطات، يضع الديمقراطي الكردستاني أمام تحدٍ يستدعي تطمين مواطني كركوك وبقية مناطق المادة 140، ليس بالأقوال وإنما من خلال إبعاد مظاهر السلاح وزوار الليل لترهيب الأخرين والاغتيالات من قبل مجهولين.
إن الطموح الكردستاني في تقرير المصير يظل حقاً مشروعاً، ضمن الاتفاق مع الشركاء عموماً، والسلطة الاتحادية خصوصاً، وفقاً لنصوص الدستور والحرص على وشائج الاخوة بين جميع العراقيين، وهو النهج الذي تخلى عنه البعض في الديمقراطي الكردستاني وبعض الأطراف الأخرى صراحة عشية الاستفتاء غير الشرعي، وما زال ممارسة خفية من خلال ملف النفط، على الأقل، مع الأسف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *