د.عادل جعفر / استشاري الطب النفسي

الرصيد هنا لا يقصد به الرصيد المالي، بل شيء آخر!!.
و لهذا سأبدأ بسؤال!!.
هل العلاقات الاجتماعية بحاجة لصيانة حتى تستمر ؟.
الجواب : نعم و الرصيد هو صيانة العلاقات الاجتماعية!!.و مثلما تحتاج
الآلات الصناعية لصيانة دورية تحتاج
العلاقات الانسانيه لصيانه دوريه حالها حال الآلات الصناعية !!.
قد وددت ان اطلق كلمة الرصيد على الصيانة التي تديم العلاقات و تحميها و تصونها.
على سبيل المثال… هناك حالات طلاق ممكن ان تحدث بعد عشر سنوات أو اكثر…. بحيث يقول البعض لماذا تم الأنفصال بعد هذه المدة الطويلة ؟؟
لماذا لم يتم الأنفصال من بداية المشوار ؟؟
ومثال آخر … لماذا أصدقاء العمر قد أنهوا العلاقة الطويلة بينهم ولم يستطع أحد ابداً أن يقنعهم بإرجاع ما تم هدمه؟!.
أحيانا نبدو مستغربين عندما نواجه سؤال !!.. على سبيل المثال : لماذا علاقة أحدهم مع آخر من الأقارب أو الأصدقاء قد توقفت !! ، و فعلا لا أحد قادر على إرجاعها لسابق عهدها …
هنا لا بد أن أذكّر : انه في أي علاقة هناك شيء اسمه ” رصيد ” وهو الذي يحدد مصيرها !!.

إذ علاقاتنا بالناس مرهونة برصيد يتحدد حسب مَعزّة هذا الشخص في قلبنا… وكل ما كان التعامل المتبادل محترم ..يزداد هذا الرصيد والعكس صحيح …. أذ كل ما كان التعامل سيء وغير لائق ينخفض الرصيد !!.

أحيانا و بالرغم من إحساس البعض أننا نحبهم لكنهم يتمادوا بالتصرفات الغير مُرّضية!!.
لا يعرفون أنهم تدريجيا يسحبون من رصيد العشم والمحبة الموجّه نحوهم من اعماق قلوبنا ، لذا عليهم أن لا يعتقدوا ان رصيد التسامح الذي نملكه ممتد بلا نهاية !!
و اذا تمادوا فرويداً رويدا تستمر العلاقة لحد ما يصل الرصيد الى صفر !!

مع كل ما ذكرت فأننا و في حالات استثنائية نقرر أعادة شحن الرصيد ونضطر ان نغفر لهم أخطائهم ( اما لخاطر الاولاد، أو من اجل مفهوم الحلال والحرام، أو لأن الأقربون أولى بالمعروف ، أو بسبب الجيرة ، أحياناً من اجل العشرة، أو لخاطر فلان، ربما لِعشم الصداقه … إلخ )..
أي أننا نستمر نسامح حتى يتمادون مرة ثانية ويسحبون الرصيد مرة ثانية !

هنا نكون فقدنا القدرة على التحمل،
بعدها يكون القرار الحازم هو قطع العلاقة!!.
هكذا قرار نحن قادرين على اتخاذه بكل ثقة و تأكّيد دون تراجع ….ببساطة لانه قرار لن يلاحقنا الندم بعد أتخاذه.

لهذا علينا أن نحافظ على علاقاتنا …وعلى الناس أن يغفروا ويسامحوا كثيرا
و أن لا ينسوا عمل صيانه دوريه للعلاقة بكلمات و بعبارات الود ، مثل:
( أحبك ، اشتقت لك ، زمان ما شفتك ، كيف أخبارك ، طمني عنك وعن الاولاد ، ناقصك شي؟، أنت زعلان مني ؟ أنا ما أقدر أستغني عنك ، إذا أنا أخطأت سامحني يا أخي …..الى آخرة من عبارات المحبة والود)!!.
و المثل الشعبي يقول ” إذا ردت صاحبك دوم ، حاسبه كل يوم “؟
ما اريد اضافته أن لا يعتقد شخص ما أن المدة الزمنية الطويلة للعلاقة هي كافية وحدها للاستمرار!!.
بل يجب زيادة الرصيد بالمودة و الرحمة و الاحساس و حسن الخلق
و بالمختصر :
إنه كلما كثرت تجاربنا في الحياة، صغرت دائرة العلاقة مع من حولنا .. ليس تكَبُّراً ! بل لأن التجارب تمنح الإنسان معايير أكثر دقة لانتقاء الأشخاص الصح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *