إلى سماحة السيد مقتدى قائد المحرومين
حرمة الرأي من حرمة الإنسان والعفو شيمة الأكبر
حسين فوزي
حرص العراقيون بكل مذاهبهم ومعتقداتهم على إحياء مهيب لذكرى ميلاد سيدنا الرسول العربي محمد، وهذا الاحتفال المهيب هو تعبير عن القيمة الجليلة لسيرة سيد الخلق منصف المحرومين ومحرر العبيد وداعية احترام المرأة والرأفة والتراحم.
وبهذه المناسبة الجليلة أتوجه بكلماتي هذه إلى السيد مقتدى الصدر سبط سيدنا الرسول والقائد الجماهيري المدافع عن سيادة الوطن والمال العام لأقول:
تقاليدنا الاجتماعية تضمن حرمة للميت في المقولة الشائعة “أذكروا حسنات موتاكم”، وهي تجسيد لقيم إنسانية في الترفع عن التصدي لمن لا حول ولا قوة له في الرد.
وحين يكون المرء قد قدم حياته من أجل قضية أو هدف أو موقف، فهو في عرف الأديان والقيم الاجتماعية شهيد، وللشهيد حرمة اجتماعية في العراق تتخطى تصور الكثيرين، فالعراقيون يرون الشهداء قافلة تريد نقل العراق إلى دولة الإنسان والقيم الإنسانية، سواء ما ورد منها في الدين أو ما أستنبطه المفكرون الوضعيون.
لذلك فأن من واجب وسائل الإعلام الحذر والحرص عند تناول الموتى، فما بالك من “راح شهيداً” من أجل قضية أمن بها..وهذا الحرص ينبغي ان يجسده تعبير من الاحترام واللياقة، سواء أكنا متفقين مع الشهيد المعني أم لا.
مقدمة برامج قناة الرابعة، السيدة منى سامي، أخطأت في تناولها شهداء طرف عراقي طالما كان موقفه واضحاً ضد الاحتلال الأجنبي، بدءاً من الغزو الأميركي البريطاني في نيسان 2003 وصولاً إلى هيمنة بعض الجوار على جزء من الساحة السياسية العراقية. ومثل هذا الموقف يحسب تاريخياً للصدريين، كما يحسب لهم اصطفافهم مع الانتفاضات الجماهيرية منذ 2011، بالتالي فبجانب ثقل التضحية بالحياة الشخصية للإنسان من أجل هدف يؤمن، هناك ثقل سياسي واجتماعي للصدريين، ساذج من لا يعرف وزنه ويخاطر بمصيره.
هنا وقعت مقدمة برامج الرابعة بالمحظور، واستفزت مشاعر جماهير معروفة بحرصها على سمعتها، وهو موقف ينبغي على مقدمة البرامج الاعتذار عنه، أو بالأقل توضيح ما كانت تقصده فيما عده الصدريون استخفاف بشهدائهم.
لكن بالمقابل هناك قضية كبرى، هل يواجه الرأي بموجات الاقتحام والتحطيم؟ هل يواجه الرأي، إن كان خاطئاً بقطع رزق صاحبه؟
إن التيار الصدري له كل الحق في استخدام منابره والقضاء للدفاع عن تضحياته، لكن الهجوم على مؤسسة إعلامية تختلف بالرأي مع الصدريين، يشكل ظاهرة خطيرة، قد تتعارض بعمق مع كل طروحات السيد مقتدى بشأن المجتمع المدني وحكومة الأغلبية، بمعنى احترام الرأي الآخر والتبادل السلمي للسلطة والرأي.
لذلك وانسجاما مع الأبوة والأخوة التي يسعى لها سماحة السيد مقتدى في التعامل مستوحياً قيم اجداده الأجلاء، وتكريساً للقيم والمفاهيم الخالدة التي بشر بها سيد الخلق سيدي محمد أبن عبد الله خاتمة الأنبياء، أناشد سماحته بالتدخل شخصياً، لوقف قرار طرد مقدمة البرامج وإعادتها لعملها، لتكون سابقة تؤكد مدى تسامح الصدريين في التعامل مع خصومهم من جهة، وتعميق الالتزام بالتعامل مع الرأي بالرأي وليس بالهجمات على وسائل الإعلام….
وما لم يتم تأكيد الالتزام بضرورة الاحتكام للرأي في الرد على الرأي بالرأي والقضاء في حالة الإحساس بالغبن، فأننا، سواء كنا نعي أو لا نعي، إنما ننزلق نحو ممارسات عرفتها ألمانيا منذ أواسط عشرينات القرن الماضي، وعاشها العراقيون بهجمات الزيتوني على من أختلف مع رأي السلطة، وكانت نتائجها كارثية لمجتمعي ألمانيا والعراق اللذان سادهما الخوف ويلاحقهما القمع…
واثق أن لنا القدوة الحسنة التي طالما تطلعنا لها في عراقة المنبت وقيم الحرية ونصرة المظلوم…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *