مرتضى كتاب الشمري
ان حالة الانسان الاصلية هي حالة الفوضى والعنف و القوة .فالقانون هو قواعد وأَحكام تضعها السُّلطة العُليا في الدولة لتنظيم العلاقات بين الأَفراد والجماعات وحِماية حُقوقهم، وتَقضي بالعِقاب والثَّواب، تُنفِّذها الدَّولة بواسِطة المحاكم. و القانون هو علم الحياة فهو الذي ينظمها ويضع القوانين لتعاملات الناس مع بعضهم البعض، ولذلك فمن الضروري أن يكون لدى كل فرد من أفراد المجتمع الحد الأدنى من الثقافة القانونية.
و يعد القانون من اهم وسائل الضبط الاجتماعي و هو الوسيلة الاساسية التي يعتمد عليها المجتمع في تنظيم و ضبط سلوك افراده .
و أنه الثقافة القانونية من الوسائل المهمة التي تقوي شخصية الفرد و تجعل منه فرداً قادراً على مواجهة مشاكلة بغير جهل ، و تعتبر الثقافة القانونية احد الروافد المهمة التي تقوي الشخصية وتجعل منها ذاتاً قادرة على مواجهة الحياة بغير جهل.
و أهمية الثقافة القانونية ضرورة ملحة لأنها تُبصر الشخص بحقوقه وواجباته تجاه الآخرين بحيث لا يتهاون بالمطالبة بحقوقه، وتحميه من الاستغلال وسوء المعاملة وضياع حقوقه من قبل الآخرين وكذلك تساعده على الالتزام بالقانون وتجنب القيام بتصرفات خاطئة تكون مخالفة للقانون وهو لايدري.
فكما هو معلوم، فإن الجهل بالقانون لا يعفي صاحبه من الوقوع تحت طائلة المسؤولية.
وعند التحدث عن المجتمع العراقي نجد عدم وجود وعي للمواطن بالقانون و الثقافات القانونية و معرفة ماهو جائز من التصرفات التي يقوم بها و ماهو غير جائز ، وعدم تعاون المواطنين مع الدولة للحد من التصرفات المخالفة للقانون و شياع الفوضى في المجتمع ، فلو تعاون المواطن مع الدولة لقلت الظواهر السلبية و قلت معدلات الجريمة و التعدي على الحقوق العامة و حقوق المواطن بشكل خاص .
اذ نجد ان المجتمع الذي تنعدم فيه المعرفة والثقافة القانونية, مجتمع تزداد و تسود في الانتهاكات و المخالفات و ازدياد نسبة ارتكاب الجرائم . فلا يمكن تصور مجتمع من غير قانون ، فالمجتمع الذي لا يوجد في قانون و ضوابط و تعليمات يصبح مجتمع فوضوي و القوي يأكل الضعيف .فأهم مقاصد الثقافة القانونية هو معرفة الأفراد لحقوقهم وواجباتهم، فتبنى العلاقة بين الفرد ومؤسسات الدولة والمنظومة المجتمعية من خلال تلك الثقافة.
لذا فإن من الأهمية معرفة ذلك بما يساهم في إيجاد بيئة آمنة مستقرة خالية من العنف والجرائم والإرهاب.لذلك نجد الكثير من الافعال تمارس من دون ان يعرف اصحابها انها مُجرمة بموجب القانون لجهلهِ بالنصوص القانونية.
و الجدير بالذكر القضاء العراقي قد فسح المجال أمام الجميع للحصول على المعلومة القضائية من خلال المركز الإعلامي للسلطة القضائية ، فإشاعة الثقافة القانونية في المجتمع ستسهم حتماً
في انخفاض معدلات الجريمة و الطلاق وانخفاض المشاكل الاسرية التي اصبحت مؤخراً خطراً يهدد المجتمع و اخطرها مشاكل العنف الأسري المشاكل الممهدة لانهيار كيان الاسرة و تفكيك الروابط الاسرية . فالقانون هو المرجع الأساسي عند ظهور المشاكل التي تتعلق بمختلف نواحي الحياة سواء الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والإدارية، حيث أصبحت كافة المجالات الأن ينظمها ويحكمها القانون، لذلك فإن الثقافة القانونية هي أشمل أنواع الثقافات لأنها مشتركة في كل شيء من حولنا وتخاطب أطياف المجتمع المختلفة في كافة نواحي الحياة.
وقد يتم عذر الشخص على عدم إلمامه ببعض أنواع الثقافات لأنه ليس هناك مسئولية عليه من عدم معرفته بتلك الثقافات، على عكس الثقافة القانونية التي أوجب القانون على الشخص الإلمام بها، وبذلك لا يوجد لديه عذر بعدم المعرفة بالقانون عندما يُسأل قانونياً.( لا يعذر احد بجهلة في القانون).
فمسؤولية إشاعة و نشر الثقافة القانونية تقع على
الدولة من خلال وزارة التربية والتعليم والإعلام والعدل،فبالنسبة للمسؤولية التي تقع على عاتق وزارة التربية والتعليم ، و هي يجب أن تبدأ اشاعة و توعية الثقافة القانونية من المراحل الدراسية الابتدائية للفرد بحيث يعطى الطالب جرعة تتناسب مع سنه وفهمه بشكل تدريجي من المراحل الابتدائية حتى التخرج الجامعي. وقد ذهبت الدول المتقدمة على اضافة مناهج تعليمية خاصة بالطلبة تتعلق بالثقافة القانونية ضمن المناهج الدراسية ليفهم الطالب ويقدر قيمة القانون و معرفة ماهو حق و ماهو باطل ليتجنب الافعال التي يحاسب القانون عليها.
اما دور الاعلام والصحافة في اشاعة الثقافة القانونية
فبالنسبة للمسؤولية التي تقع على عاتقها هي الترويج للثقافة القانونية و نشر الاحكام والقرارات القضائية التي يقوم مجلس القضاء الاعلى بنشرها في موقعها الرسمي لتصل الى المواطن و التثقف بها و معرفة القوانين من خلال نشرها في الصحف و القنوات و المنصات الاعلامية بمنشورات إرشادية تثقيفية و استضافة المحامين و المختصين في القانون في قنواتهم و كتابة مقالاتهم القانونية لإشاعة تلك الثقافة ، فهي بكل تأكيد ستسهم في رفع مستوى الثقافة القانونية لدى المواطن و هذا هو الاهم .اما بالنسبة لرجال القانون من قضاة و محامون فتقع على عاتقهما مسؤولية كبيرة ، فهم الاعلم والادرى بالقانون و نشره و ذلك من خلال عقد ندوات و ورش قانونية و ارشادية لعامة الناس .
و على الأفراد من خلال البحث والمطالعة فالجهل بالقانون لا يعفي صاحبه من المسؤولية.
و يجب أن يكون لدى كل فرد من أفراد المجتمع ثقافة قانونية في قوانين السير ، منها السرعة وإشارات المرور وعدم الإزعاج باستخدام الزمامير مساء و عدم رمي النفايات في الشوارع
و قوانين الانتخابات والترشيح الى مجالس المحافظات و مجلس النواب ، والمعرفة بالقوانين التي تحاسب على جريمة الرشوة ،التي اصبحت تنخر في جسد الدولة ، وقضايا الابتزاز .
اما عن اهمية الثقافة القانونية بالنسبة للعمال و الكسبة و اصحاب الحرف والمهن ،
ان الكثير من العمال و اصحاب الحرف قد يضيعون حقوقهم بسبب عدم معرفتهم بحقوهم القانونية وعدم فهم عقد العمل وشروط العمل، لذلك من المهم ان يفهم العامل ماله له من حقوق و ما عليه من التزامات ، كي لا يبخس رب العمل حق العامل فمن الضروري أن يدرك العامل ما له و ما عليه من حقوق و ذلك من خلال إشاعة الثقافة القانونية و الإطلاع على القوانين التي تنظم عمله و مهنتة .
اضافة الى اهمية الثقافة القانونية بالنسبة للأسرة.
وهناك أمور قانونية أخرى يتوجب على التاجر و اصحاب الاموال و الاثرياء معرفتها مثل ماذا سيحصل لثروته بعد وفاته و كيف ستوزع الثروة على الابناء و الوارثين من بعد وفاته و ادارة الشركات ان كان ممن يملكون الشركات و العقارات لذلك فمعرفته بالقوانين التي تنظم اموالة و شركاتة امر ضروري و ملح تجنباً للمنازعات المستقبلية .
و أنه الغاية و ألاهمية من نشر و إشاعة الثقافة القانونية تكمن في : اهمية الثقافة القانونية من حاجة المجتمع الضرورية للثقافة القانونية في ظل تطور المجتمع و ازديادالمشكلات الاجتماعية و تصاعد نسب الجريمة في شكل ملحوظ ، و اهميتها للفرد لمعرفة ماله من حقوق وما عليه من واجبات تجاه أفراد المجتمع الاخرين.. ومعرفة كافة المخاطر التي قد تتعرض لها خلال ممارسة أعمالك و معرفة الطرق والحلول القانونية للوقاية من المخاطر و معرفة حقوقك وإلتزاماتك القانونية و تحصين تصرفاتك بمعرفة ما لك وما عليك و معرفة وضعك القانوني في كثير من المعاملات الخاصة بمجالات أعمالك و حفظ الحقوق وعدم ضياعها فمن لا يعرف حقه لا يمكنه أن يطالب به اضافة الى حفظ حقوق الاخرين و نشر السلم والوئام في المجتمعات لأنها ستكون خالية من التجاوزات القانونية و سيادة القانون، لأن معرفة وفهم القانون والتربي على احترامه تساعد على صون سيادة القانون.
وفي ختام مقالنا لا بد أن نذكر أنه مهما ارتقى الإنسان بعلمه القانوني ومعرفته ، إلا أنه قد يجد نفسه يوماً أمام معضلة أو مشكلة قانونية تستوجب عليه الاستعانة بمستشار قانوني أو محام لتوجيهه بما عليه القيام به، وهنا يأتي دور المحامين المختصين بذلك المجال القانوني . ويجب أن يدرك الجميع، أن الالتزام بالقانون هي مسؤولية الجميع وليس فقط رجال القانون أو الشرطة.