حيـــــــدر صُبّـــــي – العراق
البيان الذي أصدره المركز الاعلامي التابع لمجلس القضاء الأعلى اليوم الاثنين هو البيان “الأخطر” وفيما لو دققنا بما ورد فيه من توضيح بشأن اجراء محكمة تحقيق الكرخ الأولى في قضية تعلقت وبما اسماها البيان ” الإهانة المتعمدة بحق المؤسسة القضائية ” ؟؟..
تكمن ناحية الخطورة في البيان انه جعل المؤسسة القضائية الحالية في دائرة المواجهة مع الاعلام العراقي وهذا بحد ذاته سيجعل صورة القضاء العراقي ورصانته على المحك امام المنظمات الدولية التي تعنى بحرية التعبير بمعنى ان القضاء ودون دراية فتح كوة تستطيع الدول صاحبت الاجندات النفاذ منها وبشكل صارخ هذه المرة , فمن قراءته القراءة الشكلية نجد ان القضاء العراقي اصبح أداة لقمع حرية التعبير وتكميم الافواه وتحييد الاعلام المرئي وبالشكل الذي لا يستطيع بعدئذ أي من الإعلاميين او خبراء القانون والمدونيين وأصحاب القنوات على اليوتيوب من انتقاد القضاء وان كان بشكل موضوعي وان تسلح طرح هؤلاء بمضمون المادة 38 من الدستور العراقي التي كفل بموجبها حرية التعبير !!.
البيان هو بيان صحفي وليس كتابا رسميا صادرا من احدى المحاكم القضائية الذي لابد فيه وتضمين المواد القانونية والدستورية التي بموجبها تحقق الإدانة لهؤلاء لذا كنت امل على الاخوة العاملين في المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى الإشارة فقط الى القضية التي تخص ” مجموعة محددة من الإعلاميين وما اسموا بفقهاء وخبراء قانون وأصحاب قنوات اليوتيوب غير المرخصة وكما ورد بالبيان ” وفقط دون ذكر لديباجة طويلة متخمة بالمواد القانونية تذهب مذهب الترهيب , على ان يصاربإنتهاء التحقيقات الى عرض القضية في القنوات الرسمية للحكومة العراقية .
لاحظوا ما ذكره البيان :
((هذه الممارسات غير القانونية هي جزء من مشروع عدم الاعتراف بالنظام السياسي القائم وبتحريك اجندات دولية وعلى اثر ذلك صدرت قرارات باستقدام المتورطين بهذه الجريمة التي يعاقب عليها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 النافذ وفي مواده (المادة 226:يعاقب بالسجن او بالحبس من اهان باحدى طرق العلانية المحاكم) و (المادة 229: يعاقب بالحبس كل من اهان محكمة قضائية) و (المادة 433: 1 – القذف هو اسناد واقعة معينة الى الغير باحدى طرق العلانية من شانها لو صحت ان توجب عقاب من اسندت اليه او احتقاره عند اهل وطنه، ويعاقب من قذف غيره بالحبس وبالغرامة او باحدى هاتين العقوبتين.
ثم يضيف :
-اذا وقع القذف بطريق النشر في (الصحف او المطبوعات او باحدى طرق الإعلام الأخرى عد ذلك ظرفا مشددا) وهذه المواد نافذة قانونا ومن يطلب عدم تطبيقها عليه ان يفهم ان القضاء يطبق القوانين ولا يشرعها)).
هنا لابد لمجلس القضاء الأعلى ان يدلل على مصداق قراره بعرض اعترافات هؤلاء وامام الرأي العام والا حينها يكون القضاء العراقي محل تشكيك بنزاهته وحياديته والتي كما نراها البعيدة عن عناصر التسيس , والى حد كبير من انه لازال ممسكا بأزمتها في قراراته .
– الانتقائية والكيل بمكيالين .. الضرورة والسبب
كم تعرض القضاء العراقي الى الإهانة والازدراء بما ليس بالقليل من السياسيين العراقيين البارزين , حينها كان بمقدور القضاء شمول هؤلاء واحالتهم للمحاكم المختصة وفق بنود ما ذكره البيان من قانون العقوبات ومواده , مع هذا التزم القضاء جانب الصمت ولم يحرك ساكنا ولم يستدعهم ولو من باب رش الرماد في العيون في اقل تقدير , ولكم في تصريحات البعض منهم عبر وسائل الاعلام خير دليل . وللمثال لا الحصر ليراجع السادة القضاة تصريحات السيد مشعان الجبوري واعترافه بأخذ الرشا ثم اعتراف وتأكيد القيادي في الاطار التنسيقي الشيخ هادي العامري من تهديده القضاء وحال كان هناك قرارا سيتخذ لا يصب بمصلحة حزبه , ثم تغريدات السيد هوشيار زيباري واتهامه القضاء العراقي بالمسيس وغيرها من التصريحات وهي بالعشرات .
انتقائية القضاء العراقي وكيله بمكيالين في تنفيذ مواد الدستور بحق المخالفين , وانه بات يطبق تعاليم القضاء على المواطنين دونما السياسيين وحال نظرنا اليها بمنظاره هو , من انه ذهب مذهب الحرص على المصلحة الوطنية ككل والحفاظ على النظام السياسي القائم ربما اعطاه الحق في الصمت عن هؤلاء الساسة فهو لا يعدو كونه صمت مؤقت الى حين استباب الوضع السياسي وقيام حكومة وطنية قادرة على تنفيذ ما سيخرج من قرارات اتجاه هؤلاء , هنا حق لنا ان نلتمس العذر له وان خالف نصوص الدستور والقوانين النافذة , مع ان القانون يسري على الجميع دونما استثناء اليس كذلك ؟ .
نعلم بعد هذا ان هذه النكتة ربما لا يستطيع المواطن العراقي البسيط هضمها وستكون المادة الدسمة للنيل من القضاء وشخصياته المحترمة ولذا كان لابد للسادة القضاة ان يلتفتوا لتلك النكتة .
بودي ان اسأل السادة القضاة بمجلس القضاء الأعلى المحترمين . هل ان إجراءات التحقيق قد اكتملت ؟ فحسب ما توفرت لدي من معلومات ان القضية لازالت قيد التحقيق فلم هذا التسرع في ذكر القضية وتسطير مواد العقوبات ” الترهيبية من وجهة القراءة الشكلية لها ” وبالأسلوب المخيف الذي ذكره البيان . ثم نسأل بعد هذا لماذا جاء البيان متزامنا مع ما اثير من قضية الإعلامي سعدون محسن ضمد باستضافته لسرمد الطائي , هل هناك من رابط بين القضيتين ؟ على الرغم ان قضية المجموعة الإعلامية ومن بينهم فقهاء قانون وأصحاب قنوات يوتيوب وتلك القضية مفتوحة قبل أسابيع من وقوع حادثة برنامج المحايد الذي بثته قناة العراقية الرسمية ؟ . نتمنى على السادة القضاة في مجلس القضاء الأعلى الإجابة على تلك التساؤلات وتطمين الشريحة الإعلامية وكتاب الرأي .