كيسنجر العرب
علاء الخطيب
اشتهر وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية هنري كيسنجر بتحليلاته وارائه الصريحة والواقعية ، فهو مرجع مهم في فهم حركة السياسية العالمية، فلا يكاد اسم الرجل يبتعد حتى يعود الى الواجهة في اي حدث عالمي .
الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق ، أشهر وزير خارجية عربي، يشبه كثيراً عراب السياسة الامريكية كيسنجر، في حديثه وتحليلاته للواقع السياسة ، كلامي هذا ليس مديحاً ، بل تشخيص لحالة واقعية، يبهرني بجرأته وصراحته و واقعيته ، هذا الرجل الذي يتجدد في كل لقاء معه ، فهو معين لا ينضب من المعلومات ، يحمل اسرارا وخفايا كثيرة ، خبر دهاليز السياسة وغاص في لحج الدبلوماسية.
له مقدرة واسعة على سحر متابعيه في التلفزيون.
في حلقاته الاخيرة على ” القبس الكويتية ” أفصح عن الكثير من الاسرار ، بكل جرأة ، وكشف لمتابعيه نتانة السياسة وقرفها .
يتحدث بصدق واضح ولهجة واثقة ، ومن يعرف لغة الجسد لابد له ان يلاحظ ما يقوله الشيخ حمد بن جاسم .
اتابعه بشغف واحلل ما يقول:
مرة استمعت له وهو يتحدث عن سوريا ، حينما قال ” تهاوشنا على الصيدة وافلتت” بهذه الجملة القصيرة لخص انا مشهد مهم من مشاهد السياسة العربية وطريقة التفكير والتعاطي مع الاحداث .
وأخرى وانا اشاهده يتحدث عن دور السعودية في رسم السياسة الخليجية والسعودية ، حينما قال ” نحن ابتعدنا عن العراق بامر السعودية ” .
وثالثة تحدث عن التعامل مع امريكا حينما اطلق عليها اسم ” المعزب الكبير ” وقال تعود المسؤولون الامريكيون عندما يأتوا بمطالبهم ان يجدوا من ينفذها دون اي اعتراض ، وتارة اخرى عن ايران وسياستها في المنطقة او ما أسماه ” بسياسة الفستق ” .
وعن نوايا بعض الدول لتهريب صدام قبل اعدامه ، وعن نية القذافي اغتيال الملك عبد الله بن عبد العزيز ، و عن البحرين وقضية تخابر زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان مع قطر التي اثارت مشكلة بين البلدين، فهو فندها ونفاها ، هذه اسرار كنا نسمعها دون تأكيد ، لكنه أكدها و وثقها.
أراه جريئاً قوياً ، و تجربة كبيرة وواسعة، فقد تعامل مع الجميع بمختلف اطيافهم والوانهم، يحسن استخدام اللغة ، كما يحسن استخدام الجسد ، يلقي كلماته ببساطة وعمق ، اعتقده كما قال المتنبي :
أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها
وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ
اتمنى ان يدوِّن الشيخ حمد بن جاسم ما عاشه في كتاب كي يكون مرجعاً مهماً للدارسين فن الدبلوماسية ، فهو بذلك يسجل حقبة من التاريخ العربي المعقد ومن العلاقات العربية العربية والاقليمية العربية ، بقلم شاهد عايش الاحداث ، وليس مؤرخ سمع وكتب .