حيدر صبي
بايدن حماسته باتت اكثر من اي وقت مضى اتجاه روسيا في مسألة غزوها المزمع لاوكرانيا .. لكن لماذا الان ؟
يقول بايدن : ” اي دخول للروس الى اوكرانيا سيعتبر غزوا وان امريكا لن تقف مكتوفة الايدي” .
تلويح بالعصا الامريكية للروس وبهكذا حدة ربما تكون سابقة في العلاقات الروسية الامريكية . لكن هل فعلا روسيا عاقدة العزم لغزو اوكرانيا ؟ ..
ما نشر من معلومات في الصحف ووسائل الاعلام الدولية ان روسيا قامت بتحشيد اكثر من 100 الف مقاتل و 13 الف دبابة و 1800 قطعة مدفعية واذن فروسيا وبحسب هكذا سلوك يكون من المنطقي ان نقول عنها انها ترغب باستفزاز امريكا واوربا او انها ترغب ان تدخل اوكرانيا في مرحلة الحسابات في الدفاع عن النفس فنحن ها قد عددنا العدة .
– حقانية روسيا
ما ذا بشأن الغاء معاهدة انتشار الصواريخ البعيدة المدى التي الغاها ترمب ونشر الصواريخ في دول اوربا الشرقية كبولاندا ولتوانيا ولاتيفيا ؟ اما تهدد الامن القومي الروسي ؟ ايضا ماذا عن مناورات حلف النيتو في البحر الاسود المتخام للحد البحري الروسي اما يشكل ذلك تهديدا من النيتو نحو روسيا ؟ وغير هذا ما ذا ان انضمت اوكرانيا لحلف النيتو ؟ .. كيف لروسيا ان تقف مكتوفة الايدي واذن بات من حقها هي ايضا ان تتحسب لكل تلك التغيرات في المواقف الامريكية وتحركات حلف النيتو .
– العصا ليست الخيار الوحيد
حذر بايدن الرئيس بوتن من ان بلاده ستدفع ثمنا باهضا في الارواح وعزلة محتملة عن النظام المصرفي العالمي .
التلويح بالعصا هل الخيار الاوحد باستخدام القوة ام ان هناك خيارا اخر ؟ ، يبدو ان لبايدن خيارا اخر يكمن في فرض مزيد من العقوبات وبالتوافق مع الدول الغربية ، لذا هو اكد على محاربة روسيا اقتصاديا عن طريق عزلها عن المنضومة المصرفية العالمية ، مع بقاء باب الحوارات مفتوحا مع الروس وحتى تتمة القناعات باتخاذ القرارات الصعبة .
بذات السياق وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية بلينكن قال خلال مؤتمر له برلين امس الاول ” في حال توغلت اي قوات لروسيا سنرد على ذلك باستجابة صارمة وموحدة . مشددا ان هذا الاتحاد سيعطينا القوة اللازمة واعتقد ان روسيا لايمكن ان تواجه هذا التضامن “.
وحدة الموقف الاوربي الامريكي ربما سيقوض احلام روسيا بغزو اوكرانيا يضاف لها ان دولا مثل لتوانيا ولاتيفيا وبولندا وحتى عبر طائرات بريطانية كانت قد اوصلت اسلحة امريكية متطورة الى اوكرانيا .
ومع هكذا حدة في الخطاب الامريكي – الاوربي الا ان امريكا تركت فسحة كبيرة للدبلوماسية للتحاور مع روسيا ، يقول انتوني بليكن : ” ان روسيا ستدفع ثمن اي تصعيد ضد اوكرانيا ” ، مستدركا ” سالتقي لابروف غدا في محاولة لخفض التصعيد ضد اوكرانيا ” .
التخوف الروسي من تحركات النيتو نحو الاقتراب اكثر من مراكز القيادة والسيطرة الروسية بدى اكثر وضوحا في حديث الرئيس بوتن عن الازمة الحالية ، فيقول بهذا الصدد أن “النيتو قد يستخدم الأراضي الأوكرانية في نهاية المطاف لنشر صواريخ قادرة على الوصول إلى مراكز القيادة الروسية في غضون خمس دقائق فقط”.
– بين ملف التفاوض الايراني والازمة الاوكرانية
تعلم الولايات المتحدة الامريكية ان الموقف الايراني المتعنت في مفاوضات فيينا ما كان التشبث به هكذا لولا ما تقدمه لها روسيا مع الصين على حد سواء من معلومات ودعم على الصعيد الدبلوماسي والسياسي للجمهورية الاسلامية الايرانية . من هنا ربما تحاول امريكا ومن خلفها اسرائيل ان تضغط اكثر على روسيا بملف نزاعها الحالي مع اوكرانيا للوصول بالنهاية الى اتفاق يفضي الى تخفيف شدة الدعم الروسي المقدم لايران وحتى الوصول الى اتفاق يرضي دولة اسرائيل والمجتمع الدولي او بتقليم اظافر ايران بتوجيه ضربة تكتيكية لاهداف محددة وتكون ذات اثر وعمق كبير وفيما لم تتوصل دول التفاوض لاتفاق ناجز معها ، ايضا الولايات المتحدة الامريكية تحاول كسر شوكة الدب الروسي بعد نجاحه في قضم جغرافية سياسية سجلت كمكسب كبير للسياسة الروسية من جهة وزيادة في عدد قواعدها العسكرية في دول الشرق الاوسط من جهة ثانية .
– مخاوف الحرب تخيم على مدن اوربية .
مشهد الدمار والخراب الذي اجتاح دول اوربا لازال شاخصا امام الاوربيين فخسارة 55 مليون مواطنا اوربيا وتحويل مدنهم لاطلال دثار في تلك الحرب لايمكن لأي ذاكرة من محوها . مع هذا نجد ان هناك اجواء عسكرية لم نعهدها من قبل . ففي السويد مثلا تم ارسال تعزيزات عسكرية سويدية ثقيلة الى جزيرة غوتلاند ومشاهدات لجنود بدأوا بتسيير دوريات على الساحل الشرقي . وحسب مواطنون سويديون نقلوا عن الاعلام السويدي كشفه عن تحليق طائرة تجسس درون عسكرية مجهولة الهوية سوداء اللون في سماء السويد كانت قد حلقت فوق منشآت حساسة ومنها ثلاث محطات نووية لتوليد الطاقة وكذلك تحليقها فوق مبنى البرلمان السويدي في قلب العاصمة ستوكهولم.
وخيّمت الازمة الاوكرانية على المانيا خصوصا بعد التصريحات المثيرة للجدل التي اثارها قائد البحرية الالمانية ” كاي اشم شونباخ ” والتي بسببها قام بتقديم استقالته بعد ان وصف حديثه ب ( الارعن ) .
فبحسب مقطع فيديو انتشر على الإنترنت، قال نائب الأميرال شونباخ خلال اجتماع لمجموعة دراسات عقد الجمعة في نيودلهي، إن ما يريده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو “الاحترام”.
وتابع “من السهل منحه الاحترام الذي يريد، والذي يستحقه أيضا على الأرجح”، واصفا فكرة أن روسيا تريد اجتياح قسم من أوكرانيا بأنها “حماقة”.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع في اتصال أجرته معه وكالة فرانس برس أن هذه التصريحات “لا تطابق إطلاقا موقف وزارة الدفاع الألمانية”.
وتابع أنه سيتحتم على شونباخ “اتخاذ موقف” وتبرير تصريحاته “أمام قائد هيئة أركان الجيوش”.
وفي تطور مضطر اوعزت الولايات المتحدة الامريكية لرعايها القاطنين في اوكرانيا بالمغادرة فيما سنلحظ في الايام القادمة ان تسير دولا اخرى مسار الولايات المتحدة الامريكية في اجلاء رعاياها من هذا البلد ، وان لم تنحو تلك الدول منحى امريكا معنى هذا ان هناك لازال بصيص امل في ارجاع بوصلة الحرب الى ان تقف عند الحوارات الدبلوماسية .
نشوب حرب شاملة مع روسيا ليس بالامر السهل وقوعه وان كان حصولها ليس بالمستعبد لكن ما يقلق العالم اجمع ودول اوربا بالذات هو ان يتطور النزاع من ماهو تقليدي الى نزاع نووي ربما يكون حينها بمثابة حرب عالمية ثالثة تدخل اوربا والعالم في ظلام دامس ولعشرات العقود .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *