قراءة الباحث الدكتور : باقر الكرباسي

المؤلف : السيد مضر الحلو

موسوعة تعنى بتراجم أعلام الكوفة منذ تأسيسها سنة سبع عشرة للهجرة إلى نهايات القرن الرابع الهجري، للسيد مضر الحلو:

يعد ظهور موسوعة في أمة من الأمم حدثا مهما في تاريخها، فهو يؤرخ مرحلة من مراحل نضجها الثقافي ويدل أيضا على مرحلة معينة من التقدم العلمي لهذه الأمة، والموسوعة اصطلاح حديث أطلق على البحوث المستفيضة الواسعة تقابلها (الانسكلوبيديا) وهي كلمة يونانية تعني مجموعة العلوم والفنون وقد عربت باسم (دائرة المعارف)، أما الفرق بين الموسوعة والمعجم أو دائرة المعارف هو أن نظام التأليف في المعجم وفي دائرة المعارف قائم على الحروف الهجائية يبدأ بحرف الألف وينتهي بحرف الياء كمعاجم الرجال ومعاجم المواد ودوائر المعارف والعلوم والفنون والآداب ومعاجم اللغة، أما الموسوعة فلاتلتزم بحوثها بأي نظام في طريقة التأليف غير نظام المواضيع التي تفرضها سليقة المؤلف وذوقه.

وأول دائرة معارف في التاريخ اختلف المؤرخون فيها فقد ذهب أكثرهم على أن (سيوسبيوس) اليوناني وهو إبن أخ إفلاطون وتلميذه كان أول من قام بجمع البحوث العامة ووضع (الانسكلوبيديا) ولكن هذه المجموعة فقدت، ويرى بعض المؤرخين أن مجموعة (ستوبينوس) و(سوايداس) و (كايلا) سنة ٤٨٠م هي من أهم الموسوعات التي كتبت في ذلك الزمان، وأول كتاب موسوعي في التاريخ هو (غايوس) المسمى بالكبير (٢٣_٧٩م)، فقد أهلته حياته ورحلاته لوضع موسوعة (التاريخ الطبيعي) التي رفعها إلى الإمبراطور (تيتوس) وهي في ٣٧ كتابا تحتوي على معظم العلوم والمعارف.

أما العرب فمنذ صدر التاريخ الإسلامي والقرون الهجرية الأولى كان الكتاب والمؤلفون يهتمون بالسيرة النبوية وبجمع أخبار الصحابة والغزوات الإسلامية والفتوحات وماكان يحدث ويقع كلما خطا الإسلام خطوة وانتشر بين الأقوام واتسعت رقعته اشتدت الحاجة إلى ثقافة أوسع وإحاطة أكثر بما انصب في الأقطارالإسلامية من فنون وعلوم ومعارف، فاتسعت رقعة التأليف على نمط الموسوعية وتعددت مواضيع الكتب وتنوعت أهداف الثقافة وأغراضها واشتدت الحاجة إلى التزود بالعلوم والمعارف والآداب جملة حتى صارت الموسوعية صبغة ثابتة لأمهات الكتب العربية والإسلامية، لذلك تتصف هذه الموسوعات بصفة مميزة وهي أنها أكثر الموسوعات العالمية شمولا لمختلف المواضيع من دين وعلم وحكمة وأدب وتاريخ وفن، وكان أول الموسوعيين المنهجيين عند العرب هو قدامة بن جعفر (ت٢٣٨هج) وهو أول عربي  ألف كتابا شاملا لكل المعارف التي يحتاج إليها المشتغل بالكتابة والإنشاء ووضع موسوعتين في نقد الشعر ونثره.

والجاحظ (ت٢٥٥هج) هو أمير هذا الطراز من الموسوعيين في تاريخنا فقدكتب في العقائد وعلوم الإسلام والأدب والتاريخ الطبيعي والطب والأجناس والحيوان وأخلاق البشر، وابن قتيبة (ت٢٧٦هج) لايختلف عن الجاحظ في سعة العلم وحرية الفكر وكثرة التأليف وتنوع الكتب، والبرد(ت٢٨٥هج) وكتابه الكامل لايزال موسوعة لعلوم العرب تناول فيه كل فن من أدب وتاريخ ولغة ودين وطب، وكذلك ابن عبد ربه (ت٣٢٨ هج) صاحب العقد الفريد وهو كتاب جمع فيه كاتبه أنساب العرب وشعرهم ونثرهم وعلومهم ويعد من الكتب المهمة عند العرب، وتوجد موسوعات ألفها الأجانب أهمها دائرة المعارف البريطانية والفرنسية والإمريكية والألمانية والإيطالية والصينية، وفي العصر الحديث نشات الحاجة الملحة في وطننا العربي لإصدار الموسوعات التي تربط بين تراث العرب وتراث المدنية التي سارت أشواطا بعيدة في العلوم والفنون، وكان اول من فكر في إصدار موسوعة عربية حديثة أو دائرة معارف شاملة هو بطرس البستاني (ت١٨٨٣م) وقد أنجز ستة أجزاء منها وبدأ بالسابع وتوفي فأكمله ابنه سليم وأردفه بأربعة أجزاء أخر، وتصدى عالم آخر لإصدار موسوعة عربية وبجهد حثيث هو محمد فريد وجدي (ت١٩٥٤م) وكان قد وسعها إلى عشرة مجلدات، وكذلك دائرة المعارف الإسلامية التي صدرت سنة ١٩١٣م في (ليدن) وطبعت في مصر سنة ١٩٥٧م، وأصدر الدكتور عبد الوهاب الكيالي (موسوعة السياسة) سنة ١٩٧٩م، والموسوعة العربية الميسرة والتي أشرف على إصدارها سنة ١٩٦٥م محمد شفيق غربال وهناك موسوعات أخرى صدرت في الإختصاصات كافة.

والموسوعة التي اتحدث عنها في هذه الحلقة من (قراءة في كتاب) هي أعلام الكوفة وهي موسوعة تعنى بتراجم أعلام الكوفة منذ تأسيسها سنة سبع عشرة للهجرة إلى نهايات القرن الرابع الهجري، لمصنفها سماحة السيد مضر الحلو الخطيب المفوه والمباحث الإسلامي المتنور بتسعة أجزاء في طبعتها الأولى /دار المؤرخ العربي /بيروت /٢٠١٤م.

2704 اعلام الكوفة

قدم للموسوعة العلامة المؤرخ السيد حسين الأمين (رحمه الله) في الثامن والعشرين من آذار سنة ٢٠٠٢م، يقول فيها :(عندما لقيت الأستاذ البحاثة السيد مضر الحلو وعلمت أنه عاكف على تدوين تاريخ الكوفة بالطريقة التي دون فيها تاريخ بغداد وتاريخ دمشق، اغتبطت بذلك كل الإغتباط، لأن الكوفة العظيمة التي ناضلت ماناضلت في سبيل الحق، وقدمت من قدمت من الشهداء، وأبرزت من أبرزت من الأبطال ثم كانت مدرسة الإسلام الكبرى علما وأدبا وشعرا)، ويضيف السيد الأمين في تقديمه أيضا (إن الكوفة هذه كانت جديرة بالدراسات الكثيرة والمؤلفات العديدة التي توضح تاريخها وتجلو ماضيها، وتري الأجيال ماكانت عليه هذه المدينة من حياة مزدهرة بالعلم والعلماء والشعر والشعراء والشهادة والشهداء، ولكنها لم تظفر بشيئ من ذلك، ولم يولها أحد مايستحق تاريخها من تدوين، وأفذاذها من ذكر وتسجيل، حتى جاء هذا العالم الكاتب والمؤرخ عازما على الوفاء للكوفة التي طالما وفت للجهاد والعلم والبحث والتدريس، وإذا كان هذا (الحلو) حلوا في كل شيئ في إسمه وحديثه وسيرته، فإن أحلى مافيه هو أنه مؤرخ الكوفة الذي سيخلد خلود الكوفة حسبه ذلك).

يكتب صاحب الموسوعة مقدمة وافية يشرح فيها الدور السياسي للكوفة وكيف كان لها دور في الأحداث، فيقول :(كان للكوفة دور في الأحداث التي جرت على الخليفة عثمان وانتهت بالإطاحة به، وانتخاب الإمام علي بن أبي طالب ع للخلافة، وانتقاله لها واتخاذها عاصمة الدولة الإسلامية) ص١٤ ويضيف السيد الحلو قائلا :(هكذا ظلت الأحداث تتفاعل في الكوفة، إذ هي مركز العالم الإسلامي وقلبه النابض، وهي عاصمة دولة الخلافة، وشاءت الأقدار أن يتعرض الإمام علي ع للإغتيال المشؤوم في الكوفة نفسها، فيتقلد الإمام الحسن ع الخلافة فيها أيضا، ويهدد معاوية بغزو الإمام الحسن ع فجهز له الإمام جيشا من الكوفيين وحصلت الهدنة بعد ذلك ودخل معاوية الكوفة) ص١٥.

ويتحدث السيد مضر الحلو عن الدور العلمي للكوفة فيقول: (أما على الصعيد الفكري، فمنذ أن نزل الكوفة ثلثمائة وسبعون من صحابة الرسول ص منهم ثلثمائة من أصحاب الشجرة وسبعون من أهل بدر، والحركة العلمية فيها مستمرة لم تفتر، ففيها ولدت ونشأت المذاهب الفقهية والتيارات العقائدية والإتجاهات التفسيرية وعلوم القرآن وعلوم اللغة والأدب، ومراجعة سريعة في غضون تراجم الكوفيين يقف الباحث على حقيقة ذلك، حتى صار الدخول إلى الكوفة وحمل العلم فيها سمة تميز طالب العلم على أقرانه) ص١٦، ويضيف مصنف الموسوعة قائلا: (لقد بدأت المذاهب العقائدية تتبلور، والنظريات العلمية تتشكل على مختلف الصعد وفي أكثر من مجال في الكوفة، وكثيرا ماتمر عليك في كتب التراث أمثال هذه العبارات “كان يتفقه على مذهب الكوفيين” و”وكان إماما على مذهب الكوفيين” وغيرها) ص١٧، ويستمر المؤلف في ماقدمته قائلا :(في الكوفة نثر الإمام علي بن أبي طالب ع درر بلاغته وجواهر حكمته التي عكس لنا بعضها أثره الخالد (نهج البلاغة)، وفيها أسس الإمام جعفر بن محمد الصادق ع (ت١٤٨هج) مدرسته ذات الأربعة آلاف طالب علم، والتي ظلت آثارها فيما بعد، إذ يقول الحسن بن علي الوشاء :(فإني أدركت في هذا المسجد – مسجد الكوفة – تسعمائة شيخ كل يقول :حدثني جعفر بن محمد) ص١٧،

وفي المقدمة أيضا يقف السيد الحلو على مفارقة يحدثنا عنها ويبدو أنها كانت الحافز الحقيقي لكتابة هذه الموسوعة المهمة فيقول :(بعد أن وقفنا وبصورة عاجلة على أهمية الأدوار والمهام التي نهضت بها الكوفة، سوف نقف على مفارقة مذهلة متمثلة بالغياب التام لما يعد مصدرا يؤرخ الكوفة على نحو الإستقلال، ويترجم حالات رجالها وأعلامها سوى ماتناثر في بطون الكتب ضمنا واستطرادا في بعض الحالات، هذا إذا مااستثنينا بعض المؤلفات المعاصرة التي لاتنهض بهذه المهمة، ولم تكن بمستوى تاريخ حاضرة مثل الكوفة، أذكر منها (تاريخ الكوفة) للبراقي (ت١٩١٤م) واكتبه الأستاذان كامل سلمان الجبوري ومحمد سعيد الطريحي اللذان يستحقان الشكر والتقدير لجهودهما في جعل موضوع الكوفة من صلب اهتماماتهما) ص١٩، ويستعرض السيد الحلو في ماقدمته أيضا الكتب التي ألفت عن الكوفة قديما وحديثا وظاهرة غياب المصادر في خصوص تاريخ الكوفة وحال الكوفيين في العصرين الأموي والعباسي ومن ثم يصل إلى نتيجة يقول فيها :(بعد كل مامر يبدو أن هناك جهدا منظما لتضييع تراث الكوفة وتغييب كل ما من شأنه ان يبرز دورها ويرسم صورتها الحقيقية) ص٢٣، ويتحدث مصنف الموسوعة عن منهجه في تأليفها بنقاط عديدة منها: (بالنسبة للمنهج المتبع في التراجم هو الإستيعاب والإيجاز في الوقت ذاته، ونقصد بالإستيعاب الإشارة إلى كل مانحصل عليه مما يرتبط بالشخصية من اسمه ونسبه وكنيته، ومذهبه، وأبرز آثاره إن وجدت إن كان قائدا أو أديبا او راويا أو مصنفا أو غير ذلك، ونذكر طبقة الرواية عنه، لنتبين طبقته إن كان راويا ثم سنة ولادته ووفاته، كما نشير إلى الإختلاف في كل مايتعلق بهذه النقاط إن وجد) ص٢٤، وتوجد نقاط أخرى يوضح فيها السيد الحلو منهجه في تأليف هذا السفر الخالد، وفي ختام مقدمته يقول: (وختاما لابد من الإشارة إلى أنني لاأدعي الكمال في ما قمت به وإحصاء كل الكوفيين، رغم اني أمضيت خمسة وعشرين عاما بحثا وتنقيبا في ثنايا مصادر التراث عن كل مايدخل في موضوع الكتاب الذي أسأل الله سبحانه أن يجعله في ميزان أعمالنا يوم نلقاه) ص٢٨، وكان لكل جزء من الموسوعة مصادره في النهاية وهذا فعل حسن جدا، كما خصص الجزء الأخير للفهارس العامة وهي خير دليل لقارئ هذه الموسوعة، تهنئة على مدار القلب للحبيب سماحة السيد مضر الحلو على سفره الخالد هذا والمتفرد في تاريخ الكوفة.

و”وكان إماما على مذهب الكوفيين” وغيرها) ص١٧، ويستمر المؤلف في ماقدمته قائلا: (في الكوفة نثر الإمام علي بن أبي طالب ع درر بلاغته وجواهر حكمته التي عكس لنا بعضها أثره الخالد (نهج البلاغة)، وفيها أسس الإمام جعفر بن محمد الصادق ع (ت١٤٨هج) مدرسته ذات الأربعة آلاف طالب علم، والتي ظلت آثارها فيما بعد، إذ يقول الحسن بن علي الوشاء :(فإني أدركت في هذا المسجد_مسجد الكوفة _تسعمائة شيخ كل يقول: حدثني جعفر بن محمد) ص١٧،

وفي المقدمة أيضا يقف السيد الحلو على مفارقة يحدثنا عنها ويبدو أنها كانت الحافز الحقيقي لكتابة هذه الموسوعة المهمة فيقول: (بعد أن وقفنا وبصورة عاجلة على أهمية الأدوار والمهام التي نهضت بها الكوفة، سوف نقف على مفارقة مذهلة متمثلة بالغياب التام لما يعد مصدرا يؤرخ الكوفة على نحو الإستقلال، ويترجم حالات رجالها وأعلامها سوى ماتناثر في بطون الكتب ضمنا واستطرادا في بعض الحالات، هذا إذا مااستثنينا بعض المؤلفات المعاصرة التي لاتنهض بهذه المهمة، ولم تكن بمستوى تاريخ حاضرة مثل الكوفة، أذكر منها (تاريخ الكوفة) للبراقي (ت١٩١٤م) واكتبه الأستاذان كامل سلمان الجبوري ومحمد سعيد الطريحي اللذان يستحقان الشكر والتقدير لجهودهما في جعل موضوع الكوفة من صلب اهتماماتهما) ص١٩، ويستعرض السيد الحلو في ماقدمته أيضا الكتب التي ألفت عن الكوفة قديما وحديثا وظاهرة غياب المصادر في خصوص تاريخ الكوفة وحال الكوفيين في العصرين الأموي والعباسي ومن ثم يصل إلى نتيجة يقول فيها: (بعد كل مامر يبدو أن هناك جهدا منظما لتضييع تراث الكوفة وتغييب كل ما من شأنه ان يبرز دورها ويرسم صورتها الحقيقية) ص٢٣، ويتحدث مصنف الموسوعة عن منهجه في تأليفها بنقاط عديدة منها :(بالنسبة للمنهج المتبع في التراجم هو الإستيعاب والإيجاز في الوقت ذاته، ونقصد بالإستيعاب الإشارة إلى كل مانحصل عليه مما يرتبط بالشخصية من اسمه ونسبه وكنيته، ومذهبه، وأبرز آثاره إن وجدت إن كان قائدا أو أديبا او راويا أو مصنفا أو غير ذلك، ونذكر طبقة الرواية عنه، لنتبين طبقته إن كان راويا ثم سنة ولادته ووفاته، كما نشير إلى الإختلاف في كل مايتعلق بهذه النقاط إن وجد) ص٢٤، وتوجد نقاط أخرى يوضح فيها السيد الحلو منهجه في تأليف هذا السفر الخالد، وفي ختام مقدمته يقول: (وختاما لابد من الإشارة إلى أنني لاأدعي الكمال في ما قمت به وإحصاء كل الكوفيين، رغم اني أمضيت خمسة وعشرين عاما بحثا وتنقيبا في ثنايا مصادر التراث عن كل مايدخل في موضوع الكتاب الذي أسأل الله سبحانه أن يجعله في ميزان أعمالنا يوم نلقاه) ص٢٨، وكان لكل جزء من الموسوعة مصادره في النهاية وهذا فعل حسن جدا، كما خصص الجزء الأخير للفهارس العامة وهي خير دليل لقارئ هذه الموسوعة، تهنئة على مدار القلب للحبيب سماحة السيد مضر الحلو على سفره الخالد هذا والمتفرد في تاريخ الكوفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *