وسام رشيد
بدأت الحملات الانتخابية مبكراً هذا الموسم الذي يدرك العراقيون انه الاهم في تاريخ العملية السياسية منذ عام 2005 الى الان، اذ ستتحدد ملامح السياسات الداخلية ومقدار التأثير الخارجي والدور الذي ينتظر العراق في لعبة الاقليم والعلاقة مع إيران ودول الخليج وتركيا، ورغم ضخامة هذه الملفات الا انها ببساطة ستبدأ من صندوق الاقتراع الذي سيفتتح يوم العاشر من تشرين الاول المقبل، إن بقيت الكتل السياسية على موقفها في اجراء الانتخابات بموعدها المقرر.
الصراع الذي يتصاعد على المنصات الاعلامية حتى وصل مرحلة التسقيط والصاق التهم وبث الشائعات وبث القصص وتفخيمها بما يتلائم مع سياق الحملة الشرسة، وبطبيعة الحال إن هذه الحملات لن تكون محطات تنافس بين كتل واحزاب لتنفيذ برامج التنمية والاعمار وترسيخ الامن ومعالجة البطالة وتطوير الصناعة وانقاذ وانجاز المشاريع الاستراتيجية أو حتى حلاً لمعضلة الطاقة الكهربائية التي أصبحت حلماً شعبياً يراود الجميع.
الخلل والمشاكل التي يعاني منها الجهاز الاداري في البلاد لا يمكن حصره بسطور نكتبها هنا لكن هذه المشاكل يمكن سحبها ان تكون أدوات حرب غير شرعية يراد من خلالها تسقيط الاخر والتقليل من شأنه حتى وان ادى ذلك لنتائج سيئة قد يعاني منها المواطن العراقي مستقبلاً كضرب القيم الاخلاقية في المجتمع والاسائة الى الرموز، وغالبا ما يكون الكسب الانتخابي هو الهدف الرئيس لكل حملة تطلقها غالبية الكتل والاحزاب ضمن المنظومة السياسية الحالية بغض النظر عن اخلاقيات ومهنية التنافس القانوني الذي تكفلها القوانين واللوائح الخاصة بذلك.
خذ مثلاً محاولة التسطيح والتقليل من شأن بعض المنجزات العمرانية والبلدية في جزء من المناطق المحررة، والهجمة الشرسة التي شنت على المسؤولين هناك بحجج وبأوهام غايتها ضرب المنجز وجر الشارع الى اصطفاف مناطقي وطائفي يخدم سياسات سابقة فشلت بادارة جميع الملفات سيما الامنية منها لما تشكله من هاجس خطير يحمل بين طياته ذكريات تجربة خطرة عانت منها تلك المناطق لاكثر من عشر سنوات.
التنافس لاستقطاب الجماهير يجب ان يكون لصالح المواطن ومستقبل أجياله القادمة ومساحة العمل والتجربة السابقة هي المعيار الحقيقي للمواطن الذي يختار بموجبه.
وبمعنى آخر إن المنجز الذي عملت به هذه الكتل والاحزاب هي الفيصل الذي سيتم من خلاله الاختيار في الانتخابات المقبلة.
دعم الخطط الاستراتيجية والتغيير والاصلاح وتحقيق نسب نجاح هو غاية الناخب الذي يترقب أفعالاً لا حملات للتنكيل والتي جاءت بنتائج عكسية ادت وهو دليل على ارتفاع كبير في نسبة الوعي المجتمعي.
يحاول المواطنون التصدي لتلك الاثارات خاصة تلك التي تهدد السلم المجتمعي، ونحن نعيش هذه الايام على مقربة من الموعد الانتخابي فان مستلزمات بقاء مراكز القوى الفاسدة تستوجب اثارات طائفية وعرقية يتصدى لها المواطنون بعد سلسلة من التجارب والتحصينات التي وضعت أسس مجتمعية رصينة ضد الطائفية ومحاولة جر التنافس في الإقتراع الى مساحات خطرة.
الأمن الانتخابي ووضع آلية مراقبة دولية والحرص على الشفافية كل ذلك سيساهم في تعزيز مقومات الوحدة الوطنية، ولن يتحقق إلا بفرصة متكافئة للجميع دون ضغط أو تحريف أو مماطلة، فالوضع الاقتصادي والمشاكل الاجتماعي والسلاح خارج الدولة وصل مراحل قد تنفجر فيها الاوضاع بحال لم يتم تفرز الانتخابات القادمة نموذجاً معتبراً لم يشترك في تدمير وتجريف البلاد وزجها في متاهات الطائفية والصراعات الاقليمية.