وسام رشيد

راقب المواطنون كلمات الحلبوسي في محافظة صلاح الدين بجمعٍ غفير من مؤيديه قائلاً: “سنرفع رؤوسنا عالياً بالمنجز على الأرض” كلمات تحمل معنىٰ التحدي علناً أمام ناخبين سيلزمونه بتلك التصريحات بعد حين ان لم تتحقق على أرض الواقع وتترجم أفعالاً تدركها هذه الجماهير وغيرها التي تراقب وتنتقد وتحلل وتتداخل بشكل ميداني مع أي مسؤول خصوصاً بعد الدروس القاسية التي خرجت بها المناطق المحررة بعد عام 2017 سيما محافظة صلاح الدين.
التحدّي الأكبر في تلك الخطابات انها لا بُد أن تستند الى برامج تتحدث عنها أرقام تم إنجازها، والأخرى تنتظر أن ترى النور فعلاً، اذ وضع المُتحدي نفسه أمام إختبار يرغب اليه المواطن العراقي في كل شبر من تراب هذا الوطن، ولا يمكن لهذا الحديث أن يكون عابراً لأنه يصدر عن رئيس السلطة التشريعية الذي شهد إفتتاح عدد غير قليل من مشاريع الإعمار في الرمادي والفلوجة وتكريت وغيرها من المناطق التي شهدت حملة إعمار وبناء ضخمة منذ أربع سنوات.
يعيدنا هذا الحديث الى تصريحات سابقة (بداية رمضان) حول إمكانية تكون الرمادي كردستان الثانية، ونظراً للظروف السيئة التي تعيشها البلاد في النواحي الاقتصادية والخدمية فإن اطلاق هكذا تصريحات على مسافة قصيرة من موعد الانتخابات الأهم منذ عام 2003 الى الان ، يعد إختباراً مصيرياً يرسم المستقبل السياسي لـ(تقدم) ويحدد مساحة حضور هذا الكيان بين منافسين كُثر يمتلكون آلات إعلامية ضخمة، وخبرات ترويجية هائلة ومتراكمة منذ خمسة عشر عاماً أو أكثر، فالحرس السُني القديم للعملية السياسية بكل مسمياته أعلن مراراً تخوفه وتربصه من اتساع دائرة المؤيدين للحلبوسي في مناطقهم، وتجربته في مساحات عمل مشتركة لا تسمح له في المغامرة بأي تصريحات لا تستند على برنامج عملي مدروس ورصين يأخذ بالظروف الموضوعية الحقيقية على الأرض ثم ينطلق نحو فضاء المنافسة مع جمهور هي الرقم الأصعب في كل المعادلات السياسية.
ويمكننا القول إن التحدّي يستند على خطط عمل هي بمثابة برنامج انتخابي، والمُنجز السابق هو مصداق ونموذج لتجربة ناجحة.

المفارقة وأن أقارن هكذا تصريحات فإني أشعر بفارق جوهري بين تجربة المواطن المريرة في الوسط والجنوب، اذ هناك تحدّي من نوع آخر، فبالاضافة الى ان المسؤول لا يستطيع ان يقيم حفلاً جماهيرياً غفيراً ليكون منصة لإطلاق الوعود المكررة وان حدث ذلك فإنه لن يلقي إذاناً صاغية أو إهتمام في الاوساط الاعلامية والثقافية والشعبية، والسبب بسيط فبعد خطاب الحلبوسي في تكريت بساعات إفتتح جسراً (ثالثاً) في مدينة الفلوجة التي خاضت حروب مدمرة، في حيّن لم تجرأ أي حكومة محلية أو مركز على إفتتاح جسراً ( ثانياً ) على نهر الهندية يربط الكوفة والنجف بمحافظات الوسط والشمال رغم الميزانيات الانفجارية والاستقرار الامني والمناخ الذي يساعد على انجاز المشاريع الخدمية.
من الضروري اليوم نقل تجربة التحديات المصيرية في المناطق المحررة لتكون معيار النجاح والفشل للمحافظات المحتجة والتي ترزح تحت وطأة الفقر ونقص الخدمات.
والمؤلم إن برامج الكتل والاحزاب الحاكمة إن ما تطلقه من وعود لا يخرج عن ضرورة التمسك بالمبادئ المسلحة وعدم السماح لأزلام النظام السابق بالعودة بعد ثمانية عشر عاماً على موتهم، متجاهلين التغيير الجوهري في نمط وتفكير وقدرة استيعاب الجيل الجديد الذي يتطلع لبناء دولة رؤية إنجاز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *