رياض الفرطوسي

” كلمات ام لكمات ”

كتب رياض الفرطوسي

عندما اجلس متأملا عبر النافذة المطلة على البحر‘

يلوح لي عالم مختلف ومستقر وهادىء.

نوارس وفضاء ازرق مفتوح مضاء بشاعرية انيقة.

وحين اتجول في الشوارع اتلمس الرفاهية‘

والاناقة والهدوء والصمت والحرية والمسؤولية والذوق والادب‘

فضلا عن البساطة والتواضع‘

وخلال الحوار مع اي شخص تشعر كما لو ان بينك

وبينه صداقة عميقة وقديمة.

هذا الامر مستند على البناء الكلي للشخصية وليس على جزء محدد منها.

لكن لو تم استدراجك في حوار من حوارات غرف الوتساب العراقية‘

ستكتشف عالم اخر كما لو انك دخلت الى مصح كبير.

البعض يعيش ثورة انفعال عارمة ويريد ان يبتلع العالم من غضبه‘

لأنه وجد تعليق لا يعجبه او لا يتناسب مع ثقافته الرثة.

اخرون يكتبون بيانات تنديد على صورة اتضح لاحقا انها فوتشوب.

مجاميع اخرى تنصب خيم للتعازي وتبادل برقيات المؤاساة.

قسم اخر يناقشون موت شخص قرر الانتحار وتدور حواراتهم‘

حوله هل سيدخل الجنة ام النار.

فريق من المتابعين يرصدون اخبار لقاحات كوفيد 19

وجدل حول من يأخذ اللقاح ومن لم يأخذه لحد الان.

جماعات تهاجم مؤسسات الدولة ورموزها السياسية‘

وانقسامات حول بعض التصريحات.

فزعة عشائرية تحتاج الى عراضة واسناد‘

( وهم وسط غابة من البنادق)‘

_ عگل وبيارق وتواثي وهوسات _‘

والمهاويل يكتبون نصوصا جاهزة لتوزيعها على المشاركين‘

على قاعدة انصر اخاك ظالما او مظلوما.

مسؤولون ومغردون ينشرون تغريداتهم وكلماتهم‘

ويقدمون خططا استراتيجية نادرة‘

والبلد يغرق في الوحل منذ 18 سنة‘

(هم سعداء والجمهور ايضا سعيد).

الناس لم تتغير بعد سقوط النظام‘

والدليل ان الكثير من الاخلاقيات انكشفت‘

ويمكن ان تلاحظ ذلك من خلال تشظي الشخصية.

حيث تنمو عشرات الشخصيات داخل الشخصية الواحدة .

هناك شاشة داخلية كبيرة تعكس طبيعة الشخصية وسلوكها‘

من خلال الكلمات واللكمات والحروف والتواصل والتفاعل.

وقد تسربت لغة الازقة والمقاهي الى الكثير من غرف النخب.

وتم اختراقها من قبل بعض الجهلة والمخادعين.

ونقلوا تقاليد معارك اسواق الخضار والشوارع‘

الى مجاميع تلك النخب وشكلوا ظاهرة اخلاقية منحرفة.

وقد يتسأل احد ما قيمة الكتابة عن سفيه او معتوه او نصاب او مراوغ‘

والبلد يضج بأمثاله وربما تكون هذه الاسئلة مشروعة.

لكن الحقيقة لسنا في منطق المقارنة‘

( بين من هو سيء ومن هو اسوا منه )‘

لأننا لا نريد ان نغلق كل بوابات الامل امام الناس والشارع.

رغم وجود نماذج الاسفاف والسطحية والغباء‘

والازدواجية ممن تجدهم يكتبون مرة بلغة وطنية‘

وفي حوار جانبي يخوضون بخصوصيات الناس وحياتهم.

طيب كيف نقاوم هذه النماذج الطارئة على المشهد.

الذين يعانون من تشوه معرفي ويترجمون الاشياء بشكل خاطىء

وفقا لقناعاتهم النفسية المعطوبة‘

بعد ان فقدوا قدرة النظر لرؤية الاشياء الجميلة والمتوهجة‘

بسبب وضع نظارات قاتمة على عيونهم‘

تجدهم يتخبطون بضخ الاكاذيب لخلق انتصارات وهمية‘

مع ان الحوار هو شكل من اشكال التراكم المعرفي والثقافي.

لا بديل سوى الحسم مع هؤلاء وتركهم ينبحون.

لأنهم يفهمون حرية التعبير بالتبعير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *