رقيق عبد الله

ان كليات الوعي و زيادتها متصلة بعالم أفكارنا و بكينونة الذات و منظومة القيم العلمية و الثقافية، الأخلاقية و الجمالية، و التي تتشكل من مجموع مؤسسسات التنشئة الاجتماعية وفق عملية اندماج الفرد في المجتمع عن طريق تعلم قواعده و معاييره لإنتاج الوعي المتكيف، الذي لا يلامس الا تلك المعايير و القواعد الاجتماعية التي تهتم فقط بالاندماج المجتمعي و مجموع حوادثه لا متناهيات حقائقه.
فالوعي موقف يتجاوز التكييف الى التثقيف الذي يتضمن كل ما هو مجتمعي و ما يتعلق بالجماعة التي ينشأ فيها الفرد، كما يتضمن ايضا ما تحمل الجماعات الأخرى من ثقافة، فهو يحمل أفكارنا كما أحلامنا، خيالنا كما آمالنا، فإذا كانت الثقافة هي الكل و التثقيف هو تعلم الكل فإن التنشئة الاجتماعية هي تعلم الجزء من الكل.
و من هنا خلق وعي في مجتمعاتنا العربية معتمد على مؤسسات التنشئة الاجتماعية دون تفعيل مجال التثقيف الذي بدوره يمنح التفاوت بين أفراد المجتمع في ثنائية الانفتاح و الانغلاق، الامتداد و الانحسار الثقافي بينه و بين مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تمتلك القصدية و اللاقصدية، من اسرة و مدرسة دُور عبادة و وسائل إعلام و غيرها، و تمت صناعة وعي الفرد و المجتمع النائم، الذي وان كان بدونه فهو ضمن الحياة.
حقيقة ان ما تُركز عليه يزداد و يكثر، فالتثقيف ممتد نحو المشترك المنفتح على ثقافة الكل لا انتاج ذاك الوعي النائم الخاضع لأرواح الامكنة على رأي بشلار و قانون الأدوار و محددات السلوك الموافق و مرنكزات التنميط و ضوابط الادراك.
ان التنشئة الاجتماعية ليست ملء فراغ انما هي عملية مسؤولة تجاه الفرد و مجتمعه لما تحققه من أهداف في انتاج وعي معتمد على التثقيف بفاعلية الاستدراج الخاص و الاندماج العام عبر نسق القيم الكبرى للانسان رحمة و محبة.
انه كلما زاد وعينا زادت معه احاسيسنا و رهف مشاعرنا كذا متعتنا و آلامنا.
كم هو مريح ان نجد فيما يسميه الفيلسوف دانيال دينيت المهارة دون ادراك لفصل الوعي او نفيه عن الذات، و لكن ماذا سنقول للحقيقة وقتها يا ترى.
فالوعي هو ذات وجودنا و ارادتنا، و مسؤولية اختياراتنا، به تتفاعل الذات مع حريتها و انعتاقها نحو المهارة و الإدراك.

كاتب جزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *