وسام رشيد

لا زالت ذاكرتنا تحمل صورة خميس الخنجر وهو يتحدث من احدى عواصم دول الجوار عن صولات من أسماهم “ثوار العشائر” في قتال الجيش العراقي وابناء القوات الامنية من حشد وشرطة اتحادية.
كلماته كان لها أثر عميق في تكوين عناصر الكراهية لشريحة من الشباب والتغرير بهم ودفعهم للاقتتال وصد الهجومات التي تشنها قواتنا المسلحة لاستعادة بعض المدن التي احتلها د1عش.
زيادة الخسائر البشرية بين صفوف قواتنا الامنية كانت نتاج الدفع المباشر للماكنة الاعلامية المتحالفة مع خميس الخنجر في تلك الفترة.
هذه الحقائق التي يتذكرها القارىء جيداً لم تكن محطة عابرة تتخبط فيها قرارات الساسة، او رد فعل لموقف سياسي مغاير أبداً، بل كانت عقيدة راسخة في ذهن الزعيم السياسي الذي يتحدث بعزمة واصرار، وهو يتبنى حرباً حقيقية يزج فيها كل ما يملك من عناصر القوة، وفي مقدمتها قدراته على التأثير الاعلامي لخطاب ترفرت له المنصات في غفلةٍ من زمن.

دَفع المواطنين في داخل المناطق المحررة ثمناً باهضاً لتلك الخطابات من دماء ابنائهم، وهدّم بيوتهم ومحال ارزاقهم، وتجريف كل عوامل الحياة في مناطقهم.
ودفعت القوات الامنية بكل صنوفها ومسمياتها، ومن مختلف المناطق العراقية دماءاً زكية من شهداء العراق البواسل، فضلاً عن الخسائر المادية التي لم يتسنى حَصرها الى الان.
وأياً كان الموقف السياسي الذي تحاول منظومة اعلامية(اعلانية) ضخمة لتبريره منذ سنوات التحرير الى الان، فقد بقيّ عالقاً في ذهني ذاك المشهد القاتم بصوت من يلتَهِج العراقية”اننا سنقاوم من يحاول دخول مدننا واخماد ثورتنا”.

عندما يقترب موعد الانتخابات فان الاصطفاف السياسي في العراق يكون اسوء بكثير من الاصطفاف الطائفية والمذهبية والقومية التي لا تعير اهمية لمصلحة الدولة ومؤسساتها، والشعب ومستقبل ابنائه.
والتمحور الانتخابي وما يفرضه من معادلات سياسية لا تراعي القيّم الاخلاقية للمجتمع، ولا تناظر تأريخه القريب، ولا تحترم مشاعر مئات العوائل الثكلى بأبنائها، فأقل ما يوصف بأنه تحالف الدّم.
أساء النجيفي وهو رئيس مجلس النواب الاسبق الى ابناء مكوّنه اولاً، ومحافظته على وجه الخصوص عندما تجاوز عن المشهد التأريخي المطبوع في وجدان كل العراقيين عن صورة ومشهد ذاك الصوت الذي يدافع عن وجود الكيان الارهابي في مناطقهم.
لم يدرك السيد النجيفي ان الموقف السياسي العابر يختلف عن التخندق المصيري، فتحالفه مع الخنجر هو خيّار مصير ومستقبل وليس اصطفاف مرحلي لعبور مرحلة صعبة قد تبرر التجاوز وغض البصر والعض على الجراح بشكل مؤقت لمصلحة وطنية عليا تحفظ فيها الدماء وتصان بها الاعراض كما يفرضه الواقع مراراً في فترات محددة من عمر العملية السياسية في العراق.
تحالف الدّم هو شراكة قفزت على دماء الشهداء، ونسفت ما تبقى من أمل في جمهور النجيفي، وقضت على مستقبله السياسي مبكراً وقبيل بدء الحملة الانتخابية بأشهر، وتناست بكل اصرار كم التطور في المزاج العام للشباب العراقي الذي سيضرب هذا التحالف رقمياً، قبل ان يقتص منه في صندوق الانتخابات القادم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *