د.احمد الميالي
تابعت بدقة اللقاءات الاعلامية لرئيس مجلس النواب العراقي السيد محمد الحلبوسي الذي كان موفقا في اجوبته وتصريحاته عند ظهوره الاعلامي في قناتي الشرقية والرشيد. واستذكرت من خلال هذه الظهور ، الدراسات الاكاديمية والعملية حول كيف يخلق القائد ؟ ، اذ حدد الحلبوسي في هذين اللقائين خطوات القيادة وفقا لتجربته، موضحا ان القيادة هي صناعة قرار وتقديم خدمة للمجتمع تعمل على تقدمه وتطوره، وليست تسّيد وتسلط على رقابه او التحكم به.
وفعلا عند العودة الى نظريات نشوء القيادة على المستوى النظري في علم الادارة، اضافة الى الواقع العملي الذي يرسخ استدامة القيادة البقاء في قلوب وعقول الناس ، سنجد ان اول خطوات القيادة هي الخدمة كما يقول “جون ماكسويل” فالقيادة ليست مواكب طويلة ولا حمايات واجهزة امنية او حاشية خادمة، كما انها ليست تآمر ولا تجسس ولا زبائنية ولا استعراض اعلامي.
بل القيادة مواقف لا تترجم عبر التصريحات والبيانات والشعارات، بل عبر الاداء القادر الفعال الذي يعد جوهر وظيفة القيادة السياسية ، فالمجتمع يميل ويتفاعل لتحكمه قيادة تتبنى برامج للبناء والخدمات والتطور وتنفر من القيادة التي تفرض عليها حالة من الجمود والعزلة ولاتقدم اي خدمة او بناء .
اضافة الى ان القيادة الفاعلة الناجحة لابد ان تعمل على بناء جسور الثقة بينها وبين المواطنين وتجمعهم حولها وتكسب دعمهم، فتوافر عنصر الثقة هو الذي سيولد ويضمن نجاح عملية بناء الدولة والمجتمع ، التفاف الناس حول القيادة لايكون عبر فرض الزعامة بل عبر بناء الثقة حينما يشعرون ان القائد يعبر عن امالهم ويستجيب لمطالبهم ويلبي طموحاتهم كما يشعرون ان هَم القائد عليهم وليس تصفية حساباته الخاصة كما انها تثق في رغبة القيادة وقدرتها على الخروج بالدولة من مراحل الاخفاق والتراجع الى مراحل البناء والتقدم، بالمقابل فان هذه القيادة ستعمل بثقة لاداء المهام لان جماهيرها تقف وراءها وتساندها وتدعمها في كل خطوة نجاح وتشد من ازرها في حال اي اخفاق او تحدي. فدعم الاستقرار الحقيقي ياتي من خلال دور القيادة الخادمة في بناء منظومة سياسية تضم وتستوعب الجميع ولديها قدرة على التغيير الاداري والاختيار السليم في تسنيم وتوزيع المهام والمواقع على الاكفاء على نحو يكسبها ثقة المواطنين.
بعبارة اخرى ان القيادة القادرة على صناعة القرار يجب عليها ان تعمل على اكتساب القلوب والعقول وان تمثل النموذج المثالي للمجتمع وقيمه ومبادئه وان تعمل على توحيده نحو الهدف الاسمى والغاية المطلوبة وهذا لن يكون الا من خلال تحويل القيادة ،من قيادة حاكمة الى قيادة خادمة.