ا.د.ضياء واجد المهندس

عندما سأل رجل مهموم علي بن أبي طالب عليه السلام قائلا: يا امير المؤمنين لقد أتـيـتك وما لي حيلة مما أنا فيه من الهم؟
اجابه امير المؤمنين :
أجئت إلى هذه الدنيا ومعك تلك المشاكل؟
قال:لا.
فقال امير المؤمنين : هل ستترك الدنيا وتأخذ معك المشاكل؟
قال : لا
فقال امير المؤمنين : أمرٌ لم تأتِ به، ولن يذهب معك ..
الأجدر ألا يأخذ منك كل هذا الهم فكن صبوراً على أمر الدنيا ،
وليكن نظرك إلى السماء أطول من نظرك إلى الأرض يكن لك ما أردت ، فرزقك مقسوم
وقدرك محسوم..
وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم..
لأنها بين يدي الحي القيوم.
يقول عليه السلام :
يَحيا المؤمن بيَن أمرين يُسر وَ عُسر ) ،
وَ كلاھما ” نِعمة ” لو أيقَن !
ففِي اليسر : يكون الشكر [ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ] وَ في العسر : يكون الصَبر !
[إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ]..و لما سئل احد الأئمة عن دوام ابتسامته ؛ أجاب: كيف احزن و الله موجود ولن تحقق الأقدار الا بإرادة الله..
ما طرحه أمام العدل و التقوى قبل ١٤٠٠ سنة ، قدمه المؤلف الأمريكي تود هنري في كتابه (‏مُت فارغاً Die Empty )
الذي صدر للمرة الأولى في عام 2013، والذي ادعى أنه استلهم فكرته أثناء حضوره اجتماع عمل، عندما سأل مدير أميركي الحضور قائلا:
ما هي أغنى أرض في العالم ؟
فأجابه أحدهم قائلاً:
بلاد الخليج الغنية بالنفط ، وأضاف آخر مناجم الألماس في إفريقيا.
فعقب المدير قائلاً:
بل هي المقبرة!
نعم، إنها المقبرة هي أغنى أرض في العالم؛ لأن ملايين البشر رحلوا إليها “أي ماتوا” وهم يحملون الكثير من الأفكار القيّمة التي لم تخرج للنور ولم يستفد منها أحد سوى المقبرة التي دُفنوا فيها.
ألهمت هذه الإجابة تود هنري لكتابة كتابه الرائع “مُت فارغاً” والذي بذل فيه قصارى جهده لتحفيز البشر بأن يفرّغوا ما لديهم من أفكار وطاقات كامنة في مجتمعاتهم وتحويلها إلى شيء ملموس قبل فوات الأوان، وأجمل ما قاله تود هنري في كتابه “لا تذهب إلى قبرك وأنت تحمل في داخلك أفضل ما لديك، اختر دائماً أن تموت فارغاً”.
وانا اجمع ما كتبت ،كان همي و حزني كبيرا عندما رأيت اليوم في وزارة العمل أن الحاضرين في احتفالية تكريم الأوائل في المدارس الاعدادية و المتوسطة من (ذوي الاحتياجات الخاصة ) لا يتجاوز الخمسين شخص ؛ ليس فيهم من الناشطين سوى بضعة أشخاص؛؛ في حين أن أي لقاء مع احد الرئاسات الثلاث او رئيس كتلة او وزير كنا نجد أن المئات يتدافعون لحضور اللقاء و يزعل من لم ندعوه ..
بل إن ناشطات عدة بالامس طلبن ان نقوم بتكريمهن حتى يحضرن وكانهن نجمات سينما او عارضات ازياء ..
ما زاد في المي و حزني هو مستقبل (ذوي الاحتياجات الخاصة ) كيف ممكن ان نستطيع أن نصنعه ؛ان كنا لا نستطيع أن نوفر فرص امل و عمل وحياة لعشرات الالوف من الخريجين و لملايين من الشباب المعطلين عن العمل ..؟؟؟!!!
لكن أملنا بالله و إيماننا بأن لا نيأس من رحمة الله و ان الله ارحم علينا من أنفسنا..
اللهم ازرع في الناس حب الناس..
و اهدنا الى خدمة الناس..
ا.د.ضياء واجد المهندس مجلس الخبراء العراقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *