كتب / يحيى حرب

1-ظل ملف ترسيم الحدود مع كيان الاحتلال بعهدة الثنائي الوطني لسنوات، مصانا، مهابا. يدور الصهاينة حوله كالفراش ويضغطون عبثا لتفكيكه وانتهاك السيادة والحقوق التاريخية للبنان.. وانفرجت اسارير الصهاينة عندما سلم الثنائي الملف للدولة، وبدأت المفاوضات.. وليس لنا اعتراض على ذلك.
2-وما لفتنا حينها ان بعض الاجراء في الداخل سألوا سؤالا ملغوما: لماذا احتكر الثنائي الوطني الملف كل هذا الوقت؟ بينما ذهب وكلاء الصهاينة الاقليميين الى ان حزب الله تخلى عن الملف تمهيدا لصفقة مع الاميركيين تنتهي بالتطبيع.. والجانبان استهدفا التشكيك بالمقاومة والتمهيد لقبول التنازلات..
3-لم يحدث ذلك طبعا.. وطيلة الاشهر الماضية اظهر الجانب اللبناني حرصا فاجأ الصهاينة وادواتهم. واخرج الجيش اللبناني خرائط تثبت حق لبنان بثلاثة اضعاف ما كان الاميركيون يساومون عليه من مياهنا الاقليمية.. أسقط بيد الاميركيين والصهاينة فجمدوا التفاوض الذي سعوا اليه سنين عددا..
4-والصهاينة لا يعرفون الملل في التآمر. فوجودهم يعني ذلك. لكن ما فاجأنا هو جرأة الأُجَراء على الاسراع في التلبية. فؤاد السنيورة لا يحتاج فعلا الى فحص دم، كما قال بنفسه ذات يوم. وخصوصا منذ ايام ووقائع حرب تموز 2006 وما تلاها، حيث كان احرص من الكيان الصهيوني على نزع سلاح المقاومة.
5-السنيورة هذا اعرب اليوم عن خشيته من «شبعا بحرية» مع إسرائيل.. وطالب الجيش اللبناني والدولة بأن يقدما له سندا قانونيا لمزاعمهما بشأن حقوق لبنان البحرية حتى يدعمهما. وأوضح أنه لا يقول إن المطالب صحيحة أو خاطئة، لكنه يسأل: «ما الذي استجد الآن لتعديل ما كان متفقاً عليه في السابق؟».
6-تصريحات السنيورة نقلتها صحيفة سعودية. ونزعة التشكيك واضحة في كلام احد رموز الحريرية السياسية، وأحد نتوءات النفوذ السعودي في لبنان. فهو يعتقد ان مزارع شبعا مجرد ذريعة لاستمرار المقاومة، ومياهنا الاقليمية ذريعة ثانية. فلا الارض لنا ولا البحر وثرواته!! بل هي اعتداءات على الكيان الصهيوني.
7-والحقيقة اننا لم نعد بحاجة لاجراء فحص دم لرواد التطبيع والزحف على الركب في خدمة السيد الاميركي. بل وجدنا المناسبة لنجيب على السؤال القديم: لماذا احتفظ الثنائي بهذا الملف في خضم الهجمة الاميركية العاتية على المنطقة وشعوبها؟ ولماذا رضي بتسليمه لرئيس الجمهورية وقيادة الجيش حصرا؟
8-فالطبقة السياسية في هذا البلد المنكوب، بلغت قعرا سحيقا من السقوط في اغلبها، ولم تعد مؤتمنة على قضايا الامة الوطنية. وهي اذ حولت الفساد الى صفة ملازمة للنظام، وسرقت قوت الشعب وثروات البلد وقامرت على مستقبل الاجيال، بدأت تمد يدها الى الارض والثروات والحقوق التاريخية، خدمة لرعاتها.
9-واذا كانت المقاومة ولاسباب موضوعية، نأت بنفسها عن الصراعات الداخلية على السلطة، وتفرغت للدفاع عن لبنان وامنه ضد العدوان والاحتلال والخطر الارهابي، فانها تجد نفسها امام حقيقة لا مفر منها: الاجراء لم يعودوا يكتفون بالسلطة بل بات المطلوب منهم العبث بالسيادة وكرامة الناس للاحتفاظ بها.
10-وبات جليا ان المعركة لتحرير الارض وضمان امن اللبنانيين، ليست منفصلة عن المعركة الاجتماعية لبناء نظام العدالة واحترام حقوق المواطنين وكرامتهم.. لان عصابة النهب جزء لا يتجزأ من منظومة الامبريالية العالمية وادواتها الاقليمية. وعند الضرورات تسقط كل المحاذير.. فالقيم لا تتجزأ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *