رقيق عبد الله
…حقيقة انه لا يمكننا أن نؤمن قبل ان نفكر، فالأزمة التي وقعت فيها الذاكرة الثقافية للعقل الديني في الاسلام سواء المدرسة السنية او الشيعية هو اعتبارها ان الاسلام و ديمومته متعلق بقيام الدولة أو الخلافة، وان السياسة حامية الدين و وجوده،
هنا كان الاشكال، و مع سيطرة المدرسة الفقهيّة السلفيّة على العقل المتمثلة في مدرسة أهل الحديث التي انتحلت صفة التمثيل الرسمي للاسلام عبر الواقع التّاريخي و الانفجار النصي، و التسييج الفقهي
الذي من خلاله تم افشال النفاذ إلى جوهر الدين، و عملت فقط على تشكيل السلطة و الخلافة لحماية الدين لا على اساس نصي و إنما من خلال تاريخ السلطة الذي عمل على التدخل في تأويل النص حسب متطلبات قيمها و كينونة بقائها، و هذا ما يفسر الانسجام الكامل بين التيار السلفي و السلطة عبر التاريخ.
ان المدرسة الفقهية و تيارها السلفي كما المدرسة الشيعية و منطلقاتها الاصولية للولاية عملت على تسييج النص لصالح السلطة، في حين أن النص كان أوسع و ارحب من ظاهرة الالزام و التقنين.
و كانت السياسة محددة لأدراج التاريخ و ملازمة له من معركة “صفين” الى اليوم.
و تم تكوين العقل الديني بين النص و بنيته حسب التاريخ و السياسة، ليتم استدعاء الفقيه سنة و شيعة للتسييج و التدليل، و رسمت الدولة و كُونت الخلافة لا على اساس الفاعلية و المشاورة، الكفاءة و الاختيار، و إنما لاهل السنة و الجماعة الفقهاء او مجلس الخبراء من بني أمية الى أمراء نجد.
و حدثت الفجوة الأهم بين العقل الديني للمسلم من جهة و العقل العام للمسلم من جهة أخرى.
فالمدرسة السلفية بكل تيارتها تجاوزت النص متمسكة بالفقه المعتمد في حقيقته على التاريخ و البيئة الاجتماعية و الزمنية، متخذة الخلاف و الصراع مع العقل منهجا و الخوف من حريته بتقليص دائرة المباح في التشريع الواقع تحت سلطة الفقيه و إمارة السلطان و سياسته.
ان مراجعة الذات توجب خفقان القلب، و فاعلية العقل من خلال تخليص نفسه من وصاية تاريخ البيئة العربية الممتد و تجاوز عقده الحضارية المسماة بالفتن صغيرها و كبيرها، و التي حالت بينه وبين الوعي و الإدراك، الايمان و العرفان، و انه ابن دين يمجّد العقل و يحارب الوصاية و يقدس الانسان.
كاتب جزائري