د.احمد الميالي
صوت يوم امس مجلس النواب العراقي على الموازنة العامة للدولة بحضور ٢١٥ نائب بعد عدة جلسات متتالية ومشاورات بين *رئيس البرلمان* واللجنة المالية ورؤساء الكتل النيابية ونجح بتذليل التقاطعات والاختلافات حولها خاصة مايتعلق بالتزامات واستحقاقات اقليم كردستان ازاء الحكومة الاتحادية.
واهم ما في الموازنة:
١ – الغاء المادة ٢٠ منها المتضمنة فرض ضريبة الدخل على موظفي الدولة والمتقاعدين كافة، وبهذا اوفى *السيد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي* والسادة النواب معه بالتزامهم ان رواتب الموظفين والمتقاعدين خط احمر لايمكن المساس بها.
٢- الغاء المادة ٤٣ الخاصة ببيع عقارات الدولة.
٣- تخفيض العجز والديون في الموازنة من ٧١ ترليون دينار الى ٢٨ تريلون دينار، وهذا بحد ذاته مكسب وطني مهم في الموازنة.
الجلسات الاخيرة للبرلمان جسدت قدرته على مواجهة التحديات والنظر في الاستحقاقات والمطالب الشعبية ، اهمها حسم قانون الانتخابات وفق نظام اعلى الاصوات والدوائر المتعددة ، وتعديل الامر التشريعي رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٥ الخاص بالمحكمة الاتحادية واستكمال هيكليتها الجديدة، وسبقها حسم قانون مفوضية الانتخابات والمصادقة على مجلس مفوضيها من السادة القضاة بما يعزز مصداقية الرئاسة واعضاء المجلس، اضافة حل البرلمان لنفسه، وحسناً فعل السيد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بطرح طلب الحل المقدم من١٧٢ نائب على جدول اعمال المجلس وحصول الموافقة بالحل اعتبارا من ٧ تشرين الاول من العام الجاري، وفقا لاحكام المادة ٦٤ من الدستور، للمضي قدما بتبكير الانتخابات النيابية بعد ان ضمنت كل مستلزماتها .
يضاف الى ذلك تفعيل البعد الرقابي للمجلس اذ تم مؤخرات سحب الثقة من رئيس مجلس الامناء في هيئة الاعلام والاتصالات.
هذا النهج التشريعي والرقابي يعد استكمالا لتوجه البرلمان بالاستجابة والتفاعل مع مقتضيات الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها العراق منذ عام ٢٠١٨، بما يعرز مواجهة مجمل التحديات والمطالب والاستحقاقات التي تصب في صالح المواطن العراقي وتعزز استقرار البلد، والتحول من سياق الخصومة والتصعيد والمزايدة الى سياق التعاون والالتزام بوضع المواطن في نصب اعين اعضاء البرلمان، دون النظر الى المقتضيات الحزبية والفئوية والشخصية والمصالح الخاصة في هذا الظرف الصعب والمعقد الذي يحتاج الى تعاون وتكاتف الجميع.
لايمكن ان تنجز الاصلاحات والشروع في احلال سياسات بناءة من دون فعالية ومصداقية السلطة التشريعية لان النظام السياسي لايمكن ان يتعافى الا اذا تعافت هذه المؤسسة، التي تعد السلطة الحقيقية الحاكمة للدولة، وتنبثق منها جميع المؤسسات الاخرى، فقياس مستوى فعالية المؤسسات الاخرى ينطلق من فعالية البرلمان في الرقابة والمحاسبة والتشريع ومتابعة تطبيق قوانينه ومدى شفافيته ومصداقيته.
خلال الفترة الاخيرة مارس البرلمان دوره الرقابي والتشريعي وفقا للظروف والتحديات والازمات الماثلة امام البلد، بشكل يمكن القول ان هنالك جدية وفاعلية ايجابية في عمل البرلمان تضع بصيص امل في استعادة الثقة بين السياسة والمواطن ، وتؤسس للمرحلة القادمة : نهج برلماني يعمل على ترسيخ الارادة السياسية القائمة على انجاز الاصلاحات وتلبية مطالب العراقيين والاستجابة لها وفق القانون والدستور وحفظ النظام العام.