كتب رياض الفرطوسي
اصعب ما يواجه اي مجتمع عاش لسنوات طويلة‘
القمع والخوف والسجون والاضطهاد والحصار‘
والدمار والقصف والحروب والتلقين والانتقام والكراهية‘
هي الحرية.
لأن منح الحرية في هكذا ظروف وبشكل مفاجىء‘
ومباغت قد يقود الى انهيار المجتمع وفقدان توازنه.
نحن لسنا بحاجة الى الحرية بقدر ما نحتاج
الى معالجات نفسية ومراجعات ذاتية.
خاصة عندما اصبحت تلك الامراض والعقد‘
عبارة عن سلوكيات ومبادىء ومفاهيم وقناعات ثابتة.
تحت سقف ( مفهوم الحرية ) يخرج علينا العشرات يوميا‘
يتحدثون بطريقة مسعورة فيها من الوقاحة‘
والبذاءة والصفاقة الشي الكثير.
في بيئة تستوعب الانتهازي والشرير والمدع‘
يستطيع ان يتحول اي جربوع او حثالة‘
( يفتخر بتاريخه بالعمل في مؤسسات صدام الاجرامية‘
والامنية) الى نجم سياسي له حضور وجمهور يصفقون له.
عندما تبحث في دواخله تجده يعاني‘
من الخواء والحطام والشقاء النفسي والفكري.
هؤلاء يتحدثون من دون فهم للحرية‘
التي حددها البيان العالمي لحقوق الانسان في المادة 19
( حول حق التمتع بحرية الرأي والتعبير‘
وفي التماس الافكار وتلقيها ونقلها الى الاخرين)‘
وبين حدود علاقتك مع الاخر المختلف.
الكل تقريبا يتحدثون عن الحرية وهم من الداخل‘
يعانون من سجون مختلفة ومن قمع.
يُنظر للحرية وللانفتاح وللتسامح‘
ولغته وثقافته تقوم على السيطرة والتبرير والتجاوز‘
والالغاء والحذف والهيمنة والتسلط.
حقيقة الامر نحن لا نعيش الحرية‘
بل نعيش ما يسمى بوهم اسمه الحرية.
لأن طريقة التفكير تتناقض تماما مع السلوك‘
اليومي المضاد لفكرة الحرية.
ولأننا نعيش في قطيعة عن ما يحصل في العالم‘
لا ندرك او نعرف ان الحرية حتى في الدول الديمقراطية‘
لها ضوابط قانونية وفكرية ومساحة معينة.
ان الحرية هناك تتحرك من الداخل للخارج وليس العكس.
تم اختيار الحرية كشعار دعائي في الانظمة الجديدة‘
من اجل السيطرة عليها بحجة الحرية والديمقراطية‘
كغلاف (وبرواز) خارجي والحال ان الجماهير‘
المشغولة بلقمة العيش‘ وان الكثير منهم‘
يشعرون باغتراب نفسي وانساني وهم في وطنهم.
كل هذه الدوافع والخلفيات الاستراتيجية المبيتة والمستترة‘
لترويج فكرة الحرية في هكذا مجتمعات.
هذا نوع من التعري وان شئت من الظهور العلني والمكشوف‘
له دلالات اجتماعية تعكس الفشل في استيعاب علاقة‘
الانسان المضطهد بالحرية وتجليباتها الغامضة.
( اجلبنّك يليلي اثنعش تجليبه
أجلبنّك يليلي والنوايبْ سورْ
إلمْعاكسْ غِريمي وكافْلَه الزرزورْ،
كثْرانه التحوف وأطْرَشْ الناطورْ
واثوَلْ صار راس الهَرَم ترْتيبه‘
اجلبنّك يليلي اثنعش تجليبه).