رقيق عبد الله  / كاتب جزائري

ان اتييان دولا بواسييه في كتابه ” العبودية الطوعية ” :
قال انه عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية وتتواءم مع الاستبداد ، ويظهر فيه ما يمكن ان نسميه ‘ المواطن المستقر.
في أيامنا هذه يعيش المواطن المستقر في عالم خاص به وتنحصر اهتماماته في ثلاثة اشياء،الدين، لقمة العيش، كرة القدم.
فالدين عند المواطن المستقر لاعلاقة له بالحق والعدل،وإنما هو مجرد أداء للطقوس واستيفاء للشكل، لا ينصرف غالبا للسلوك .فالذين يمارسون بلا حرج الكذب والنفاق والرشوة يحسون بالذنب فقط إذا فاتتهم إحدى الصلوات ،وهذا المواطن لا يدافع عن دينه إلا إذا تأكد أنه لن يصيبه أذى من ذلك . فقد يستشيط غضبآ ضد الدول التى تتعامل بما لا يتفق معه بحجة ان ذلك ضد إرادة الله،لكنه لا يفتح فمه بكلمة مهما بلغ عدد المعتقلين في بلاده ظلما وعدد الذين ماتوا من التعذيب!
ويفعل الفاحشه والفساد فى بلاده جهارآ وبعذ ذلك يحمد الله !!؟
لقمة العيش هي الركن الثاني لحياة المواطن المستقر ،فهو لا يعبأ اطلاقا بحقوقه السياسية ويعمل فقط من أجل تربية أطفاله حتى يكبروا ،فيزوج البنات ويشغل أولاده ثم يقرأ فى الكتب المقدسه ويخدم فى بيت الله و يدعو بحسن الختام .
أما في كرة القدم، فيجد المواطن المستقر تعويضا له عن أشياء حرم منها في حياته اليومية ،كرة القدم تنسيه همومه وتحقق له العدالة التي فقدها ،فخلال 90 دقيقة تخضع هذه اللعبة لقواعد واضحة عادلة تطبق على الجميع…
ان المواطن المستقر هو العائق الحقيقي امام الحرية.
ان دولا بويسيه أغفل ان هناك عقل بنيوي يتمسك بأفكاره كأنه أناه انه العقل العربي الفاقد لفاعلية الحرية المستمسك باديولوجية التفكير الذكوري بفكرة العارف المتموضع فنوعية استخدام العقل العربي للمنطق و الحواس، الشعور والحدس اختصر بخدعة عقلية مارسها الاستبداد السلطوي و رضى بها المواطن المستقر وهي ان الماضي افضل مما هو كائن و ان نتوقع المستقبل اسوء مما سيكون حقيقة ، لقد اعتمدت الذاكرة المركزية للثقافة العربية عبر مسار تاريخها على ان الحرية عائق و مفسدة و بتفكير ذكوري نشأ في العقل العربي ما يسمى بالتحيز التأكيدي وفق الذي عايشه العقل العربي عبر ذاكرته المركزية هو ان اقنع ذاته عبر وعي مزيف ، إن الولاء ايمان والطاعة طريق الجنة وأخد العرف العربي مكان الدين الذي خلق قيمة في صحراء العرب تختصر فيها كل القيم وهي الحرية. إن ضرب الحرية وتزييف مدركاتها هو في الحقيقة عمل ممنهج من بني أمية وفقهاء نجد. الى مانعيشه وفق عرف القبيلة ، ان المرأة العربية مثلا تأخد قوتها من طاعة تتجسد في رضى الآخر ذكورة. والحقيقة انهم يعيشون في خدعة اخترعها الوعي المزيف لهدا العقل الفاقد لفاعليته.
ان الجدير بها أن تكون حرة لأن في حريتها يُخلق الانسان الحالم لما عهد والمدرك لما طمح،والشاغل لماتمنى والشاعر لمن احب.
ان القبيلة في طرحي ليست مسمى عرش أو حدود لقريةأو جينات لجنس إن القبيلة في فكر العرب قد تكون دولة ويتعشق من يملكها او يتسلط على ملكها بأن يجعل من آليات القبيلة منهجه ودستوره.
لقد غنت السيدة ام كلثوم في احد روائعها الأطلال للشاعر الطبيب ابراهيم ناجي .. اعطيني حريتي أطلق يديا انني اعطيت ما استبقيت شيئا.
ان الحرية هي ذاكرة الانسان المركزية التي بفقدانها يفقد الانسان ذاته ويكون ذاك المواطن المستقر المطيع الذي يفضل المعاناة على المعارضة من زمن الرشيد الى راشد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *