د.احمد الميالي
تابعنا قبل يوم امس تصريحات السفير الايراني التي دعى فيها “تركيا الى اخراج قواتها من العراق “ورد السفير التركي على هذا التصريح بان “مسجدي اخر من يمكنه اسداء النصح لتركيا بخصوص احترام حدود العراق”.
مما يؤشر تدخلا سافرا في شؤون العراق الداخلية وتعديا على سيادته وتجاوزا لقواعد وضوابط التمثيل الدبلوماسي والقانوني الدولي. في وقت لم يصدر من الجانب الحكومي والسياسي العراقي اي تعليق او خطوة باتجاه مواجهة مثل هكذا تدخلات دبلوماسية من جهة، ومعالجة مسببات هذه التدخلات واساسها. *باستثناء موقف رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي اذ كان للموقف الوحيد الذي علق رسميا عبر بيان* تضمن الاتي
” ممثلوا البعثات الدبلوماسية في العراق واجبهم تمثيل بلدانهم وتعزيز التعاون بين البلدين، فعلى بعض ممثلي تلك البعثات أن يعي جيدا واجباته، ولا يتدخل فيما لا يعنيه، ويحترم سيادة العراق لكي يُعامل بالمثل”.
يؤشر ذلك ان العراق يعاني من ازمة سيادة جعلت منه ملعب وليس لاعب اقليمي او دولي، يتأثر بالصراعات السياسية الاقليمية والدولية بشكل يمكن اعتباره منطقة نفوذ لهذه الدولة يعكس مصالح تلك الدولة لا مصالحه.
واسباب ذلك هو ضعف الارادة الوطنية لغالبية النخب السياسية والقيادات الحاكمة التي لم تستطع ان تقدم مشروع عراقي فيه مقتربات وطنية قادرة على اعادة بناء دولة عراقية قوية تواجه التدخلات الخارجية وتمنع من تخادم المصالح وتعدد الولاءات للخارج. واسباب ضعف هذه الارادة للقادة والنخب ناجمة من منهج الحكم القائم في العراق وطبعيته التوافقية المبنية على اطر المحاصصة وتوزيع الصلاحيات والقدرات والسلطات بشكل لايخدم بناء الدولة بل يخدم مصالح هؤلاء، وفي تلك الحال حينما تتمسك هذه القوى بالمصالح الضيقة ستحتاج الى الزخم والدعم المادي والمعنوي فتلجأ الى المشاريع الخارجية للاستقواء في مواجهة الشركاء والفرقاء لاحلال التوازن في الوجود السياسي والحصول على المنافع، ويعمل هذا على تصدير جزء كبير مم هذه المنافع لصالح القوى الخارجية الداعمة لهذا للطرف او ذلك .
يحتاج العراق دعم سياسي اقليمي ودولي ولكن وفق اطر تمتين العلاقات مع المحيط الاقليمي والمجتمع الدولي مما يمنح فرصة اقوى لاحتواء المعطيات والمتغيرات الحاصلة في المنطقة ، ىهذا يكون عبر تقليص حجم التأثر بالتداعيات الاقليمية الحاصلة حول العراق، والبدء بتحصين العملية السياسية والحرص على نجاحها وابعادها عن التدخلات الخارجية ، وتكييف وتحويل السلوك الصراعي والتنافسي للقادة والاحزاب الى مصالح وطنية عبر توفير اليات لادارة النزاعات وحلها، يفرضها صناع القرار بعيدا عن منطق الربح والخسارة على المستوى الحزبي، انما بالاعتماد على منطق بناء الدولة ااقوية يعني بناء قيادات قوية مستقلة عن تأثيرات العوامل الخارجية.واحدة من مؤشرات قوة الدولة هو استقلال قراراتها وسياساتها الداخلية وحفظها من التأثيرات والتدخلات الخارجية ، وخلاف ذلك فان مثل هكذا دولة ستكون فاشلة تابعة ناقصة السيادة في المعنى السياسي والقانوني.