وسام رشيد
برزت في الايام الماضية دعوات منتظمة لمجاميع بعضها ينتسب للواجهة الاحتجاجية في العراق والبعض الاخر غير واضح الملامح، تدعوا المواطنين لعدم الذهاب لتحديث البطاقة البايومترية تمهيداً للاشتراك في الانتخابات المزمع اجراءها في النصف الثاني من هذا العام، وتأتي هذه الدعوات بالضد تماماً مع حملات قوية يطلقها معظم الناشطين المشتركين في الحراك الاحتجاجي لحث المواطنين على تحديث سجلاتهم الانتخابية، والاستعداد المبكر للانتخابات المقبلة، حيث يتأمل مطلقو هذه الحملات تغييراً كبيراً في المنظومة الحاكمة والتي فشلت مراراً في تنفيذ برامج الاصلاح، وتوفير الخدمات للمواطنين بشتى المجالات.
تأتي هذه الدعوات للضغط على المواطن العراقي بعدم الاشتراك في الانتخابات القادمة وتحمل المواطن مسؤولية الاشتراك في تدعيم الظلم والفساد من خلال قرائن التشكيك في الانتخابات السابقة، ونموذج الفشل والشبهات وتهم التزوير ونموذج انتخابات عام 2018 حاضراً في دعايتهم التي تحاول ان ترسل رسائل إن لا جدوى مطلقاً في اي عملية انتخابية في العراق طالما ان الشخوص والاحزاب والكتل والاعراف السياسية هي أسباب الفشل المتراكم منذ عام 2005 الى الان، وان اي ارادة للتغيير لا تتوفر في تلك الجهات الحاكمة، وان الاصلاح لا يأتي من ذات الاحزاب المسببة لكل هذا الدمار والتخريب.
ودعاة المقاطعة نوعان الأول؛ هم اليائسون أو المعتقدون بعدم جدوى الاصلاح دون ان تتوفر بيئة امنة، بل يشترطون توفير اجواء مثالية لاجراء الاقتراع العام ومنها حصر السلاح بيد الدولة والرقابة الاممية التامة وغيرها من الاشتراطات المنطقية والمقبولة، واعتقد ان لهم وجهة نظر محترمة عند جميع المتابعين، وهم قلة في تصدير موقفهم هذا ولا يملكون الماكنة الاعلامية التي يدفعون قناعتهم.
النوع الاخر هم مدفوعي الثمن وتكتشفهم بسهولة من خلال معرفة بعضهم او الحماسة الغريبة في محاولات اقناع المواطنين بعدم تحديث معلوماتهم، فضلاً عن التمويل الواضح لمئات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.
التحفظ والتردد في هدر الصوت الانتخابي وهو سلاح التغيير الوحيد في ظل العملية الانتخابية، والتغيير هو من داخل ادوات النظام ذاته، وفق الطرق المسموح بها قانونياً، ولا جدوى في التفكير بأي طريقة اخرى لتصحيح المسارات، فهي ترتبط بمعادلات وتوازنات قوى محلية ودولية، ومن دوافع المسؤولية الان هو التفكير بشكل مختلف لانقاذ البلاد، وتأتي دعوة رئيس مجلس النواب اليوم في اهمال دعوات المقاطعة للانتخابات انسجاماً مع كل ما تقدم من ضرورات ملحة لتوسيع حجم المشاركة في الانتخابات لضمان عدم التزوير فكلما زاد عدد المشاركين قلّت فرص مصادرة ارادة الناخب وتحصنت صناديق الانتخابات اكثر ضد من يحاول حرف مسيرة الاصلاح المنشود.